فضيحة مدوية باليمن: ”تجسس” بالسيلفي يكشف أساليب مليشيا الحوثي في تلفيق التهم
في سابقة تعد مثاراً للسخرية والاستغراب، كشفت قضية اعتقال شاب في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي عن وجه جديد لمنهجية التلفيق والتضليل التي تتبعها الجماعة. فبعد أن أعلنت المليشيا عن إحباط "عملية تجسس"، تبين أن الأدلة "الدامغة" كانت عبارة عن صور التقطها الشاب في أماكن عامة، بينما كان السبب الحقيقي لاعتقاله، بحسب مصادر مطلعة، هو "سيلفي" التقطه وسط تعليقات ساخرة من نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
تفاصيل الرواية الرسمية: "تحديد الأهداف بالكاميرا"
وبحسب التصريحات الرسمية التي أذاعتها قيادات حوثية، تم اعتقال شاب يُدعى (لم تُذكر هويته) بتهمة التجسس لصالح "أطراف خارجية". زعمت القيادات أن الشاب كان يتنقل بين عدة مواقع حساسة، على رأسها ميناء الحديدة الاستراتيجي، وكان يلتقط صوراً بشكل منهجي.
وفي محاولة لإضفاء الشرعية على الاعتقال، أوضح القيادي الحوثي، "أبو علي الجرموزي"، في تصريحات متلفزة، أن الشاب لم يكن يلتقط الصور "للذكرى" كما يدعي، بل كان "يحدد إحداثيات وأهدافاً بدقة عالية عبر كاميرا هاتفه الجوال"، مما يشكل – بحسب زعمهم – خطراً أمنياً كبيراً. هذه الرواية سعت إلى تصوير الشاب كجاسوس محترف يستخدم تقنيات حديثة لتنفيذ مهامه.
كشف الحقيقة: "السيلفي" الذي أطاح برواية التجسس
لكن المفاجأة الحقيقية التي هزت الرواية الحوثية من داخل شبكات التواصل الاجتماعي، حيث كشف نشطاء ومتابعون أن السبب الجذري للاعتقال لم يكن الصور التي التقطها الشاب في الميناء، بل صورة "سيلفي" بسيطة. فبعد تصريحات الجرموزي مباشرة، انتشرت صورة ذاتية للشاب المعتقل، فسخر الناشطون من فكرة أن تصوير النفس يمكن اعتباره تجسساً، وربطوها بشكل مباشر بالتصريحات الحوثية التي وصفوها بـ "المسرفة في التخوين".
السخرية اللاذعة التي طالت القيادي الحوثي وروايته، دفعت المليشيا إلى القيام بعملية اعتقال سريعة للشاب، وإعادة تدوير التهمة من "سيلفي ساخر" إلى "جاسوس خطير"، في محاولة يائسة لسحب البساط من تحت أقدام الناشطين وإنهاء حملة السخرية التي كانت تزداد انتشاراً.
موجة غضب وسخرية: "منع الهواتف المزودة بكاميرا!"
على إثر كشف تفاصيل القصة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي موجة هائلة من السخرية والانتقاد اللاذع لسياسات المليشيا الحوثية. استخدم الناشطون هاشتاجات ساخرة مثل (#تجسس_بالسيلفي) و(#الجرموزي_يكشف_الجاسوس)، عبروا من خلالها عن استهزائهم بالمنطق الأمني الحوثي.
وكان أبرز التعليقات الساخرة هو دعوة وجّهها نشطاء إلى المليشيا بـ "منع تداول الهواتف المحمولة المزودة بكاميرا"، على اعتبار أن أي مواطن يلتقط صورة لنفسه أو للمعالم الأثرية أو حتى لأسرته يصبح بشكل تلقائي "عميلاً" و"جاسوساً". هذه الدعوة كانت بمثابة مرآة عاكسة لعبثية الأمن الذي تفرضه الجماعة، حيث يتحول المواطن العادي إلى متهم بمجرد امتلاكه لهاتف جوال.
خاتمة: تأكيد على منهجية التضييق والتخوين
تكشف هذه الفضيحة المدوية عن عمق الأزمة التي تعيشها المليشيا الحوثية في تعاملها مع المواطنين، حيث يتم اللجوء إلى تلفيق التهم الخطيرة مثل التجسس لتبرير الاعتقالات التعسفية وقمع الحريات. لم تعد تهمة "التجسس" مقتصرة على النشطاء السياسيين أو الصحفيين، بل طالت الآن مواطناً عادياً بسبب صورة التقطها لنفسه.
وتأتي هذه الحادثة لتؤكد أن منطق "الأمن الغذائي" الذي تتبعه الجماعة قد وصل إلى درجات من الهراء والسخف، حيث أصبح الخوف من الكاميرا هاجساً أمنياً يبرر أقسى الإجراءات، مما يحول مناطق سيطرتها إلى سجن كبير يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الطبيعية، ويجعل من كل مواطن هدفًا محتملاً لتهم جاهزة تنتظر من يطلقها.













