صحابي يمني يخدع أبوبكر الصديق بحيلة ماكرة أضحكت الرسول
على الرغم من الدعوة الصريحة التي وجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم للجميع وكشف فيها أهمية التبسم والبشاشة ، فقال عليه الصلاة والسلام " وتبسمك في وجه أخيك صدقة " وقال " لا يحقرن أحدكم من المعروف شيء ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وكلها دعوات واضحة وصريحة لمقابلة الأخرين بالوجه البشوش المبتسم ، فطبيعة ديننا الإسلامي الحنيف، إنه دين رحمة وإنسانية وتلطف وخير للبشرية كلها وليس فقط للمسلمين.
لكن من ينظر لحال الدعاة والمشائخ وكبار رجال الدين، وما هم عليه من العبوس والتجهم وندرة الابتسامة في وجوههم، تجعل البعض يعتقد ان طبيعة الإسلام هي الجفاء والغلظة، مع أن الله سبحانه حذر رسوله تحذير شديد من هذه الصفة، فقال عز من قائل في سورة آل عمران " ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾.
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يشارك أصحابه أفراحهم وأحزانهم وأعيادهم حيث يضحك لضحكهم ويحزن لحزنهم، وقد كان هو نفسه يطلق النكات والمزاح أحيانا فقد ذكرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، إن سيدة عجوز جاءت للرسول وطلبت منه أن يدعوا لها لتكون من أهل الجنة، فقال لها، [يا أم فلان ، إنّ الجنة لا يدخلها عجوز ] ! فبكت المرأة، حيث أخذت الكلام على ظاهره، فأفهمها : أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزاً ، بل شابة حسناء ، وتلا عليها قول الله تعالى في نساء الجنة: (إنا أنشأناهن إنشاءً* فجعلناهن أبكاراً* عُرباً أتراباً) صدق الله العظيم.
الضحك والمزاح هو نوع من الترويح عن النفس، ويبدوا أن الدعاة والمشائخ يعتقدون إن مثل هذه الأمور تهز هيبتهم وتقلل من قدرهم ومكانتهم، وهذا غير صحيح ، فما يقلل من المهابة ويفقد الداعية رزانته هو كثرة الضحك بسبب وبدون سبب، والمزاح طوال الوقت، وهذا لا علاقة له بالتبسم في وجه أخوك وتلقيه بترحاب وابتسامة، وهو ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان الصحابي اليمني الجليل " النعيمان بن عمر الأنصاري" رضي الله عنه يضحك الرسول كثيرا بسبب المقالب التي كان يعدها للصحابة، حتى يقال ان النعيمان تسبب بضربة قوية على رأس أمير المؤمنين " عثمان بن عفان " فقد توعد صحابي كبير السن أن يضرب النعيمان إن هو وجده بعد ان قال عنه كلام أضحك الناس عليه، ولأن الصحابي المسن لم يكن يعرف النعيمان ، فإن النعيمان نفسه ذهب إليه وقال له ان النعيمان يصلي وحين يسجد عليك به لتنتقم لنفسك، وانتظر الصحابي حتى سجد عثمان بن عفان فضربه بالعصا ضربة قوية أوجعته، وحين علم عثمان رضي الله عنه بأن المقلب سببه "النعيمان" ضحك هو والصحابة ولم يعاقب النعيمان.
وهناك مقلب يشبه في وقتا الحالي " الكاميرا الخفية " أضحك كثيرا رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه، فقد روت أم سلمة رضي الله عنها الواقعة فقالت إن "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه، خرج في تجارة قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بعام، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكان " سويبط " هو طباخ أبوبكر، فطلب منه النعيمان أن يعطيه بعض الطعام لأنه يشعر بالجوع ، لكن سويبط رفض ذلك وقال يجب ان ننتظر أبوبكر الصديق، فغضب النعيمان وقرر أن يلقنه درسا قاسيا فمروا بقوم فقال لهم النعيمان ، هل تشترون مني عبداً ؟ قالوا : نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: إني حر، فإذا قال لكم ذلك فلا تتركوه، فقالوا له : بل نشتريه منك، وفعلا اشتروه منه بعشر قلائص ، قال : فجاؤوا فوضعوا في عنقه حبلاً، فقال سويبط إن هذا يستهزىء بكم، وإني حر، ولست بعبد، قالوا : قد أخبرنا خبرك، فانطلقوا به، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ، فسأل عن سويبط فأخبره النعيمان بما فعله، فأسرع الصديق رضوان الله عليه يرد عليهم القلائص وأستعاد سويبط، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها فترة طويلة، وأصلح الرسول بين النعيمان وسويبط.
الضحك الكثير يميت القلب ويقلل المهابة، لكن ان تروح عن نفسك وأهلك وأصدقائك وتمازحهم بين الحين والأخر، فهو شيء رائع، فالناس بطبيعتها تحب البشاشة والإبتسامة وتهرب من العابسين والمتجهمين، وقد ثبت طبيا ان الضحك له فوائد عظيمة على الصحة والحالة النفسية ويسبب الانشراح والسرور، ولذلك فهو ليس فقط سنة نبوية، وإنما هو مفيد أيضا للروح والجسد.













