جريمة ثقافية صادمة في ذمار.. نبش مقبرة جماعية معلقة وتدمير مومياوات عمرها آلاف السنين
في تطور مثير للقلق والاستنكار، شهدت محافظة ذمار اليمنية، تحديداً في مديرية جهران الجبلية، جريمة ثقافية وتاريخية فادحة، حيث قام مواطنون باقتحام ونبش مقبرة أثرية جماعية "معلقة" تعود إلى آلاف السنين، مما أدى إلى تدمير مومياوات وهياكل بشرية ثمينة كانت في حالة حفظ جيدة، وطمر معالم أثرية لا تقدر بثمن.
تفاصيل الحادث:
وفقاً لمصادر محلية وشهود عيان، تم اكتشاف المقبرة الأثرية المعلقة، وهي مقبرة منحوتة في صخور جبل شاهق ومنطقة وعرة، وهو ما جعلها بعيدة عن أيدي العابثين لقرون طويلة. إلا أن جهلاً بأهميتها التاريخية أو بحثاً عن كنوز مفترضة من الأشخاص إلى اقتحام الموقع وتخريبه.
وقامت الجهات التي قامت بالنبش بتمزيق الأكفان القديمة التي كانت تغلف المومياوات، وأخرجتها من أماكنها الطبيعية، ثم قامت بنبش القبور الجماعية وتفريق الهياكل العظمية في أنحاء الموقع بشكل عشوائي ومروع.
الصور والفيديوهات التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت حجم الدمار الذي لحق بالموقع، حيث تظهر الهياكل العظمية مبعثرة بين الصخور، وبقايا أكفان ومواد دفن متناثرة.
الأهمية الأثرية والتاريخية:
أشار خبراء ومهتمون بالشؤون الأثرية إلى أن هذه المقبرة لا تمثل مجرد موقع دفني، بل هي وثيقة تاريخية نادرة تكشف عن طقوس الدفن والمعتقدات الدينية للحضارات التي سادت في تلك المنطقة منذ آلاف السنين.
والمومياوات المكتشفة، التي يبدو أنها تعود إلى حقب ما قبل الإسلام، تقدم فرصة فريدة للباحثين لدراسة الحياة اليومية، والأمراض، والتقنيات التحنيطية القديمة في جنوب الجزيرة العربية.
إن تدمير هذه الهياكل يعني طمر فرصة علمية ثمينة لفهم جزء مهم من تاريخ اليمن الغني، الذي يعد من أقدم مراكز الحضارة الإنسانية.
ردود الفعل والمطالبات: أثار الحادث موجة عارمة من الغضب والاستنكار بين النشطاء والمثقفين اليمنيين، الذين وصفوا الفعل بـ "الجريمة بحق التاريخ والإنسانية" و "طمس للهوية الوطنية". وطالب كثيرون السلطات المحلية والهيئة العامة للآثار والمتاحف بالتدخل العاجل.
ومن المتوقع أن تقوم السلطات المختصة بفتح تحقيق موسع لتحديد هوية المتورطين في هذا التخريب، وتشكيل لجنة فنية من خبراء الآثار لتقييم حجم الأضرار التي لحقت بالموقع، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا ومقتنيات.
يمثل هذا الحادث صرخة مدوية حول الحاجة الماسة لتعزيز الرقابة على المواقع الأثرية المنتشرة في مختلف محافظات اليمن، والتي تتعرض للنهب والتدمير بسبب غياب الأمن والوعي المجتمعي. كما يبرز أهمية توعية الأجيال الشابة بقيمة التراث الحضاري للبلاد، وأنه ليس مجرد حجارة وعظام، بل هو ذاكرة الأمة التي يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة.













