هل يلقى أبو علي الحاكم نفس المصير؟.. الإماميون يجازون أكابر مجرميهم جزاء سنمار (1-2)

وقفت مليشيا الإرهاب الحوثية وأنصار الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ذات يوم بقضها وقضيضها، ومختلف أدواتها الإرهابية، مختالة ومزهوة النفوس، تتربص بالشهيد العميد حميد القشيبي قائد اللواء 310 مدرع في محافظة عمران، حتى اغتالته يد الإثم والإرهاب والإجرام، ومثلت بجثته، وأفرغت كل الحقد البشري بحق قائد ورجل مقعد، أبى أن يخون الجمهورية ويبيع شرفه العسكري ويلقي بزته العسكرية لهذه المليشيا، وشاهد العالم كله تلك الحادثة التي وقف لها العالم على رجل واحدة في لحظة تحبس الأنفاس لمصير أشرف رجل وقائد عسكري في التاريخ الحديث.
دارت الأيام، فأتت عدالة السماء مسرعة غير متأخرة، وإذا بكل من تآمر عليه وحرض وغدر ونفذ يسقون من ذات الكأس الذي أسقوا منه الشهيد القشيبي، غير أنه خُلد كأشرف رجل في التاريخ، وخلدوا هم كأكبر خونة في التاريخ والغدر باليمن.
فهل سينال كل من ناصر الإرهاب الحوثي ما ناله أولئك الأولون؟!
نستعرض محطاتٍ تاريخية من كبار القيادات اليمنية التي ناصرت الإمامة القديمة عبر التاريخ، والإمامة الحديثة الحوثية في التاريخ المعاصر، وكيف جوزيت جزاء سنمار.
حيث كان للإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن أحد القادة اسمه "صالح بن هادي حبيش، وقيل صالح الحريبي، (هما قاداته الإثنان) يرسلهما لخراب البلاد وقتل العباد، فقتل الكثير من أهل بلاد ريمة ووصاب، وكان ينطلق في سبيل ذلك دون وازع من دين أو ضمير، وكان من أصحاب ابن حبيش يقطع أذن المرأة من الرعية طمعاً في الخرص الذي فيها، وبيعت بعض الآذان بأخراصها في مدينة صنعاء، ولذلك خطب على منبر صنعاء الفقيه محمد صالح العلفي خطبة أنكر فيها فعل ابن حبيش وأصحابه بأهل بلاد ريمة ووصاب وتحريم المثلة بهم"( ).
ومع ذلك لما أحس أن الرجل قد كبر حتى أصبح يخشى منه على الملك أوعز إلى ابن أخيه القاسم فما زال يداوره ويداهنه حتى سلط عليه عبيده فاغتالوه ووضعوا سلاسل الحديد في رقاب أعوانه"( ).
كما كان له قائد آخر اسمه محسن الحبيشي، وقد تعاون مع ابن أخيه القاسم عليه، ما لبث أن ضحى به على أنه أحد أعوان ظلم المهدي صاحب المواهب، ليظهر للناس أنه حريص على العدل والتقرب من الثائرين على المهدي حتى يستميل الناس إليه ليبايعوه إماماً بعد ذلك.
ذكرتني هذه القصة بقصة أبي مسلم الخراساني مع الخليفة أبي جعفر المنصور؛ فقد كان هذا القائد هو صاحب الفضل الأكبر على الدولة العباسية في نجاح الانقلاب على بني أمية، ولما ثبت أركان الدولة العباسية غرته نفسه وأصبح أكبر خطر يهدد الدولة التي ثبتها، فكان أن كمن له أبو جعفر المنصور وقام بقتله لأن ميزان القوة قد مال للفرس الذين خشي منهم المنصور أن يبايعوا أبا مسلم الخراساني فينقلب على العباسيين.
ليأتي بعد عهد المهدي صاحب المواهب عهد الهادي محمد بن المتوكل، ويقوم بمجازاة الغادر أبو حليقة، الذي غدر بالفقيه سعيد الدنوي جزاء سنمار. ففي عام 1256هـ اصطلح هذا الإمام مع النقيب أبو حليقة نقيب "ذو محمد" من بكيل وعامله على خيانة الفقيه سعيد الدنوي ثائر اليمن الأسفل، والقبض على قادات جيشه، عندما كان النصر قريباً من جيش الفقيه على الإمام الهادي.
وعندما تحققت الخيانة وآل النصر إلى الإمام الهادي، قام بقطع رأس النقيب أبو حليقة بعد ما قطع رأس الثائر الفقيه سعيد الدنوي.
بعدها جاء عهد الإمام المنصور حسين، وأذاق علي الأحمر من نفس الكأس الذي أذاق منه الشيخ عبدالرب وهيب فكان الجزاء من جنس العمل، فقد كان علي الأحمر من ضمن كبار وأمراء ومشايخ هذا الإمام الذين يسلطهم على القبائل، وأثناء خلاف المنصور مع محمد بن إسحاق على الإمامة كان علي الأحمر مناصراً لمحمد بن إسحاق، مع قبائل حاشد وبكيل، وقام بمحاصرة المنصور في صنعاء، لكن المنصور خدعه بعد أن دعاه إلى الصلح ما لبث أن اغتاله في خيمة المفاوضات وحز رأسه وعلقها على أسنة الرماح في مصبانة عصر.
ثم جاء عهد الإمام المهدي عباس، الذي جازى الشيخ أو الأمير عبدالرب بن وهيب نفس الجزاء؛ فقد كان وهيب قاد ثورة ضد الإمامة، واستقل بمنطقة الحجرية عن الإمام المهدي عباس، واتجه نحو المخا للسيطرة عليها، واعترف المهدي عباس باستقلاله، ولكنه [المهدي عباس] تحالف معه للقضاء على تمرد أبناء أحمد بن المتوكل والأمراء المتغلبين على تعز حينها، بجانب النقيب الماس، ولما استطاع دخول تعز عبر نقب ممر في الجبل وإدخال جنود الإمام منها والسيطرة على تعز، تظاهر الإمام بمحبته العميقة تجاه الشيخ عبدالرب، بعد القضاء على أبناء المتوكل في تعز ودعاهم لزيارة صنعاء. ورغم خوف عبدالرب من زيارة هذه المدينة، إلا أنه لبى الدعوة نظراً للخدمات التي أداها للإمام، وبناءً على إلحاح النقيبين الماس وأحمد بن النقيب علي الأحمر، غير أن الإمام خان ثقة الأبطال العرب وقادته المخلصين له عند وصولهم إلى صنعاء [غدر بهم]"( ).
أما في عهد أحمد حميد الدين قصة مشابهة لقصة صالح الحريبي ومحسن الحبيشي وأبو حليقة؛ حيث كان أحمد حميد الدين في حروب كر وفر مع قبائل الزرانيق في تهامة لمدة عامين لم يحقق النصر عليهم، وقد كان تحقيق النصر عليهم شرط أبيه لتوليته ولاية العهد، ولما لم يستطع الانتصار عليهم كان أحد قاداته وهو يحيى الردمي قد عاهد نفسه على تحقيق الانتصار، ولما انتصر على الزرانيق واستباح معقلهم الرئيس بيت الفقيه، اغتاظ أحمد حميد الدين أشد الغيظ، فما كان منه إلا أن دبر مكيدة غادرة بالردمي واتهمه بشرب الخمر، فعمد إلى إقامة الحد عليه بالجلد علناً أمام قادته وجنده لتشويه سمعته أمام المعجبين به ونزع هالة النصر منه، وإمعاناً في إذلاله زاد أن علق قوارير الخمر في رقبته، لم يلبث بعدها إلا أياماً قليلة ومات كمداً
وفي عهد يحيى وابنه أحمد حميد الدين كانت هذه النماذج كثيرة، وما ذكرنا الردمي إلا لأنها أكبر القصص في عهدهما وقد أذاق الزرانيق ألوان العذاب والتنكيل.
الحوثي وتصفية حلفائه:
أما الإماميون الجدد (الحوثيون) فقد كانوا أكثر الإماميين غدراً بحلفائهم، وجازوهم جزاء سنمار، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، الذي كان أكبر الداعمين لمليشيا الإرهاب الحوثية، وسلم لهم إمكانيات دولة بكاملها، ودعمهم في كل منعطف، وفتح لهم الطريق من صعدة إلى عدن، عبر مشايخ القبائل كمبخوت المشرقي وعلي حميد جليدان، وصادق أبو شوارب، وفيصل أمين أبو راس وإخوانه وغيرهم كثير، الذين جند منهم القبائل وحشد إليهم كافة مناصري المؤتمر الشعبي العام في البلاد. ولكونهم يعرفون مكره فقد خافوا من إعادة تنظيم قوته ضدهم ما لبثوا أن قتلوه في الثاني من ديسمبر 2017م.
هناك نماذج كثيرة سطرتها لنا الأحداث مع مناصرين لمليشيا الإرهاب الحوثية جازتهم جزاء سنمار، وهم من الغولي إلى الوروري إلى مبخوت المشرقي إلى مجاهد قشيرة.
كان أول قتل لأحد المشايخ التابعين لحلف الحوثيين وصالح هو الشيخ عبدالله الغولي، أحد مشايخ قبيلة حاشد الموالين للرئيس صالح، في يناير 2017، على يد القيادي الحوثي القحوم..
وفي يونيو 2018 أقدمت مليشيا الحوثي على تصفية الشيخ والقيادي الحوثي سلطان عويدين الغولي ونجله، وثلاثة من مرافقيه في المعارك الدائرة في منطقة الجاح جنوب مدينة الحديدة، علما بأن الغولي من القيادات الميدانية البارزة بجماعة الحوثي.
... يتبع