من مطار عدن إلى قبضة الأمن: كيف تم إسقاط أخطر مهرب في جنوب اليمن؟

في ليلة مثيرة من التحري والرصد، أعلنت الأجهزة الأمنية بمحافظة أبين، مساء اليوم الجمعة، عن إتمام عملية أمنية كبرى أسفرت عن القبض على شخصية أجنبية تُعرف بالرمز "S.S.D"، يُعتقد أنها تُشغل منصب مالك ومدير أحد أكبر المكاتب المتخصصة في تهريب المهاجرين الأفارقة، إلى جانب تورطها في عمليات الاتجار بالبشر وتهريب الممنوعات عبر الشريط الساحلي لجنوب اليمن.
216.73.216.175
ووفقًا لما كشفه إعلام أمن أبين، فإن العملية بدأت تتضح معالمها منذ يوم الأربعاء 13 أغسطس، حين تم رصد وصول المتهم إلى مطار عدن الدولي، حيث دخل تحت العدسة الأمنية فور خروجه من بوابة الوصول. وتمت متابعته بدقة متناهية من قبل فرق الاستخبارات والأمن، ضمن إطار حملة أمنية واسعة استهدفت تفكيك شبكات التهريب النشطة في محافظة أبين، والتي كانت تُعد من أكثر المحافظات اليمنية تعرّضًا للاختراقات عبر الحدود.
اجتماع سري كان سيُعيد ترتيب خريطة التهريب
المصادر الأمنية كشفت أن المطلوب كان يخطط لعقد اجتماع سري في مديرية أحور، على الشريط الساحلي الغربي لمحافظة أبين، مع عدد من كبار مسؤولي الشبكة، بهدف إعادة هيكلة العمليات بعد سلسلة الضربات الأمنية التي تلقتها خلال الأشهر الماضية. ومن المخطط أن ينتقل بعدها إلى صنعاء، في خطوة يُنظر إليها كمحاولة لإعادة الاتصال بخلايا نائمة وتوسيع نطاق الأنشطة غير الشرعية إلى مناطق جديدة.
لكن المفاجأة جاءت قبل انعقاد الاجتماع، حيث تمكنت قوات الأمن من الإغلاق التام على المتهم، واعتقاله قبل أن يتمكن من تنفيذ أي من خططه، في عملية وصفها مسؤولون أمنيون بـ"النوعية والدقيقة".
تحقيقات أولية: شبكة عابرة للقارات
أظهرت التحقيقات الأولية أن المتهم "S.S.D"، وهو من جنسية أفريقية لم تُكشف بالكامل، يُعتبر المحرك الرئيسي لشبكة تهريب تُدير رحلات غير شرعية من دول القرن الأفريقي (بما في ذلك الصومال وإثيوبيا وإريتريا) عبر السواحل اليمنية، نحو دول الخليج، مقابل مبالغ مالية طائلة تتراوح بين 1500 إلى 3000 دولار للشخص الواحد.
كما كشفت المعلومات أن الشبكة كانت تستخدم طرقًا معقدة تشمل زوارق سريعة، وشراكات مع عناصر محلية، وشبكة اتصالات مشفرة، لتجنب الكشف. وتشير التقديرات إلى أن الشبكة نجحت في تهريب آلاف المهاجرين خلال العامين الماضيين، ما أسفر عن مئات الوفيات بسبب الغرق أو الاعتداءات أثناء الرحلة.
"هذه الضربة ليست مجرد اعتقال، بل تجفيف لمنبع إجرامي كان يهدد أمننا القومي والإقليمي"
— مصدر أمني رفيع في أبين
خطوة حاسمة في مكافحة الجريمة العابرة للحدود
يُنظر إلى هذه العملية باعتبارها نقطة تحوّل في جهود مكافحة الجريمة المنظمة في جنوب اليمن. وتأتي في سياق حملة أمنية موسعة أطلقتها قوات أبين، بالتعاون مع جهات يمنية وإقليمية، لاستعادة السيطرة على السواحل، ووقف تدفق الشبكات الإجرامية التي تستغل الأوضاع الإنسانية والسياسية.
ويُتوقع أن تُسفر التحقيقات الجارية مع المتهم عن كشف المزيد من الأسماء والخلايا النائمة، ما قد يؤدي إلى سلسلة من الاعتقالات في محافظات يمنية أخرى، بل وخارج اليمن.