شركات عالمية تعزز إنتاجها في مصر: من ”ظهر” إلى غرب الدلتا

شهد قطاع الطاقة المصري تحولًا نوعيًا خلال الأشهر الأخيرة، مع عودة منحنى إنتاج البترول والغاز إلى الصعود منذ منتصف أغسطس الماضي، بعد فترة من التراجع الطبيعي في معدلات الإنتاج. ويأتي هذا التحسن نتيجة استراتيجية وطنية متكاملة تستهدف الاستدامة وتعزيز القدرات الإنتاجية، وترسيخ موقع مصر كمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة.
216.73.216.171
ورغم التحديات المرتبطة بالتناقص الطبيعي للآبار، نجحت الدولة في السيطرة على هذا العامل عبر خطط دقيقة ودعم استثماري مباشر، ما أسفر عن إضافة نحو 200 مليون قدم مكعبة من الغاز خلال شهري يوليو وأغسطس، بما يعادل شحنتين شهريًا من الغاز المسال، وهو ما يعكس قدرة القطاع على تحويل التحديات إلى فرص تصديرية واعدة.
ويعود هذا النمو إلى توقيع 11 اتفاقية جديدة للبحث عن البترول والغاز، و12 عقدًا لمشروعات التنمية والإنتاج خلال العام المالي الماضي، ما ساهم في توسيع الرقعة الاستكشافية وضمان استمرارية الاكتشافات المستقبلية. وقد أثمرت هذه السياسات عن تحقيق 49 كشفًا جديدًا للبترول والغاز، إلى جانب خطة لحفر 71 بئرًا استكشافيًا.
كما لعب التزام الدولة بسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتقديم حوافز إنتاجية مرنة دورًا محوريًا في استعادة ثقة المستثمرين، وتشجيع الشركات العالمية على التوسع في أعمالها داخل مصر.
وشهدت الفترة الأخيرة نشاطًا مكثفًا من الشركات الدولية، حيث استأنفت شركة "إيني" الإيطالية أعمال الحفر في حقل "ظهر"، وحققت اكتشافات جديدة في "عجيبة"، بينما عززت "بي بي" البريطانية إنتاجها من حقل "ريفين"، ووسعت عملياتها في البحر المتوسط. كما بدأت "شل" الإنتاج من 6 حقول في غرب الدلتا، ورفعت "أباتشي" الأمريكية إنتاجها من الغاز، مستفيدة من الحوافز الجديدة.
وتؤكد هذه الإنجازات أن مصر لا تكتفي بتلبية احتياجات السوق المحلي، بل تفتح آفاقًا أوسع أمام صادرات الغاز المسال، مما يعزز دورها في تأمين إمدادات الطاقة للأسواق الأوروبية والآسيوية، في ظل التحولات العالمية المتسارعة في قطاع الطاقة.
لطالما واجه قطاع الطاقة في مصر تحديات تتعلق بالتناقص الطبيعي لإنتاج الآبار، وهو أمر شائع في الدول المنتجة للبترول والغاز. ومع ذلك، تبنت الدولة استراتيجية متكاملة تهدف إلى تجاوز هذه العقبة عبر التوسع الاستكشافي، وتحفيز الاستثمار، وتحديث البنية التحتية الإنتاجية، بما يضمن استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.
وقد بدأت ملامح هذه الاستراتيجية في الظهور بوضوح خلال الأشهر الأخيرة، حيث عاد منحنى الإنتاج إلى الصعود، مدفوعًا بإجراءات عملية شملت توقيع اتفاقيات جديدة، وتنفيذ مشروعات تنموية، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، ما أعاد الثقة إلى السوق المصري كموقع جاذب للاستثمار في الطاقة.
وتزامن هذا التحول مع نشاط مكثف من الشركات العالمية الكبرى مثل "إيني" و"بي بي" و"شل" و"أباتشي"، التي وسعت عملياتها في مصر، مستفيدة من الحوافز الإنتاجية والبيئة التنظيمية المرنة التي وفرتها الدولة.
كما أن هذا النمو في الإنتاج لا يقتصر على تلبية الاحتياجات المحلية، بل يعزز من قدرة مصر على تصدير الغاز المسال، ويدعم موقعها كمركز إقليمي لتداول الطاقة، خاصة في ظل الطلب المتزايد من الأسواق الأوروبية والآسيوية على مصادر طاقة آمنة ومستقرة.
وتُعد هذه الطفرة في الإنتاج دليلاً على نجاح مصر في تحويل التحديات الهيكلية إلى فرص تنموية، عبر رؤية استراتيجية توازن بين الاستكشاف، الإنتاج، والتصدير، وتضع القاهرة في قلب التحولات العالمية في قطاع الطاقة.
أقراأيضا:وزير الاتصالات يروج لمصر كوجهة استثمارية في صناعة الإلكترونيات الدقيقة | المشهد اليمني