”معركة حضرموت الجديدة: المحافظ يكشف مؤامرة تستهدف التعليم الحكومي!”

ترأس الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي، محافظ حضرموت رئيس المكتب التنفيذي، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا اعتياديًّا موسعًا للمكتب التنفيذي بمدينة المكلا، بحضور وكلاء المحافظة ومديري عموم المكاتب التنفيذية ومديري المديريات، في جلسة ركّزت على التحديات الراهنة التي تواجه المحافظة، لا سيما في قطاع التعليم، وسط ما وصفه المحافظ بـ"المؤامرات الممنهجة" التي تستهدف كيان حضرموت واستقرارها المؤسسي.
216.73.216.1
وفي مستهل الاجتماع، وجّه المحافظ شكره الجزيل لأعضاء المكتب التنفيذي، مُشيدًا بصمودهم وثباتهم في الحفاظ على دوام مؤسسات الدولة وسير عملها، رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة. وقال إن هذا الصمود يعكس وعيًا وطنيًّا عاليًا وإدراكًا لحجم الاستهداف الذي تتعرض له حضرموت، والذي يهدف – بحسب تعبيره – إلى "التضييق على السلطة المحلية، وهدم العمل المؤسسي، والإضرار بالأمن والاستقرار"، في وقت ظلّت فيه المحافظة لسنوات طويلة ركيزة أساسية في دعم خزينة الدولة، وضمان سريان النظام والقانون، وحماية روح الدولة ومؤسساتها.
وأكد المحافظ بن ماضي أن السلطة المحلية والمكتب التنفيذي يخوضان اليوم ما وصفه بـ"معركة حضرموت للحفاظ على مؤسسات الدولة"، مشددًا على أن هذه المعركة ليست دفاعًا عن سلطة فحسب، بل عن كيان المحافظة ودورها الريادي في اليمن ككل، داعيًا الجميع إلى اليقظة والتصدي لأي محاولات تفكيك أو تقويض للدور الحضوري لحضرموت.
أزمة التعليم: بين مطالب المعلمين ومستقبل الأجيال
وخصص المحافظ جزءًا كبيرًا من كلمته لملف التربية والتعليم، معتبرًا إياه "قضية تمس كل بيت وكل فرد"، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يشهد حاليًّا "شللًا جزئيًّا" جراء الإضراب الذي تشهده بعض المدارس. وعبّر عن تقديره الكبير للمعلمين الذين واصلوا أداء رسالتهم السامية منذ انطلاقة العام الدراسي، رغم الصعوبات، واصفًا إياهم بـ"أبطال التعليم الحقيقيين".
وأوضح المحافظ أن السلطة المحلية، بالتعاون مع مكاتب التربية والتعليم والخدمة المدنية والشؤون القانونية، تبذل جهودًا حثيثة لمعالجة الملفات العالقة، مؤكدًا أن "قدسية المعلم" و"مشروعيّة مطالبه" هما من أولويات العمل الحكومي. لكنه في المقابل شدّد على أن "قدسية التحاق الطلاب بمقاعد الدراسة ومستقبل الأجيال" لا تقل أهمية، محذرًا من وجود "مؤامرات مدروسة" تهدف إلى إضعاف التعليم الحكومي لصالح التعليم الأهلي والخاص، وهو ما وصفه بـ"الاستغلال غير الأخلاقي للأزمات".
وقال المحافظ بصراحة: "لن نسمح بأن يُستغلّ تعليم أبنائنا كوسيلة للضغط أو لتحقيق مكاسب فئوية أو خاصة"، مؤكدًا أن السلطة المحلية ستعمل على "كل الحلول الممكنة" لضمان استمرار العملية التعليمية دون انقطاع، وستقف بحزم ضد أي محاولات لاستغلال الوضع التعليمي لمآرب غير تربوية.
إصلاحات جوهرية ودعم غير مسبوق للقطاع التعليمي
وفي سياق الحديث عن الإصلاحات، أشار المحافظ إلى أن التعليم يحتل "أولوية قصوى" في أجندة السلطة المحلية، ويُقدّم على سائر القطاعات الأخرى، مؤكدًا أن هناك جهودًا جارية لـ"تصحيح ملف المتعاقدين" و"إعادة هيكلة صندوق دعم التعليم" لضمان وصول الدعم المباشر إلى المعلمين المستحقين. كما وجّه مكتبي التربية والتعليم في ساحل ووادي حضرموت إلى "استدعاء جميع منسوبي القطاع التربوي المفرغين أو المنتدبين في جهات أخرى للعودة الفورية إلى الميدان التعليمي"، باعتبار أن "كل يد معلّمة في حضرموت يجب أن تكون في صفوف الطلاب، لا خارجها".
أرقام تكشف حجم الدعم الاستثنائي لقطاع التعليم
وفي مداخلة توضيحية، قدّم الأستاذ مبارك ناصر بابلغيث، مدير عام مكتب وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بساحل حضرموت، عرضًا مفصلًا حول مستحقات منتسبي قطاع التربية والتعليم، كاشفًا عن أن السلطة المحلية تخصص دعمًا شهريًّا ضخمًا لهذا القطاع يبلغ 2 مليار و100 مليون ريال يمني، يُوجّه لضمان استمرار العملية التعليمية وتسوية أوضاع الموظفين وصرف مستحقات نحو 21 ألف متعاقد في عموم المحافظة.
وأشار بابلغيث إلى أن ما يُنفق على قطاع التعليم في حضرموت "يفوق بكثير ما يُنفق في باقي المحافظات"، موضحًا أن رواتب المتعاقدين والثابتين في القطاع التربوي تُعادل "ضعف" ما يُصرف لنُظرائهم في القطاعات الأخرى داخل المحافظة، وهو ما يعكس – بحسبه – التزام السلطة المحلية بدعم التعليم كخيار استراتيجي لا رفاهية.
نداء وحدة ومسؤولية
واختتم المحافظ كلمته بنداءٍ إلى جميع أبناء حضرموت، داعيًا إياهم إلى "الالتفاف حول مؤسساتهم، ورفض كل ما من شأنه أن يُضعف تماسك المحافظة أو يُهدّد استقرارها". وقال: "حضرموت ليست مجرد محافظة، بل هي ركيزة الوطن، وحمايتها واجب وطني ومسؤولية جماعية". مشددًا على أن "التحديات لن تكسر إرادة أهلها، بل ستزيدهم صلابة ووحدة".
ويأتي هذا الاجتماع في ظل تصاعد التوترات حول ملف التعليم، وسط مخاوف مجتمعية من تداعيات الإضراب على مستقبل الطلاب، في وقت تؤكد فيه السلطة المحلية أنها لن تدخر جهدًا في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على سير العملية التعليمية ووحدة المؤسسة التربوية.