الأربعاء 8 أكتوبر 2025 06:28 مـ 16 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

سوريا وروسيا.. شراكة استراتيجية في زمن التحولات الإقليمية

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 07:20 مـ 16 ربيع آخر 1447 هـ
الكاتب الدكتور محمد صادق .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية
الكاتب الدكتور محمد صادق .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية

في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً سياسياً وعسكرياً متسارعاً، تتجه الأنظار مجدداً نحو العلاقة السورية – الروسية التي تبدو في مرحلة إعادة تموضع استراتيجية. زيارة وفد عسكري سوري رفيع إلى موسكو، تزامناً مع اتصالات روسية – إسرائيلية حول الاستقرار في سوريا، أعادت طرح تساؤلات حول الدور الروسي في حفظ التوازن الإقليمي ومستقبل التعاون بين البلدين.

216.73.216.81

زيارة عسكرية في توقيت حساس

وصل وفد عسكري سوري رفيع المستوى برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي النعسان إلى موسكو، في زيارة تهدف إلى تعزيز التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين.

وقد استقبل نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف الوفد السوري، وناقش معه ملفات التعاون الميداني والتدريب العسكري، إلى جانب قضايا تتعلق بأمن الحدود ومكافحة التنظيمات المتطرفة.

يقول الباحث في الشؤون الإقليمية الدكتور عبد السلام بوسالم في حديث صحفي: "الزيارة تأتي في وقت دقيق للغاية، إذ تشهد الساحة السورية تحولات في مواقع النفوذ، وروسيا تبدو معنية أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على موقعها كضامن للتوازن العسكري والسياسي داخل سوريا."

توازن القوى ومحدودية التصعيد الإسرائيلي

وفي موازاة التحركات السورية – الروسية، شهد الأسبوع ذاته اتصالاً هاتفياً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحثا خلاله "تعزيز الاستقرار في سوريا".

ويشير مراقبون إلى أن هذا التنسيق يعكس الدور الروسي كوسيط يمنع الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة بين دمشق وتل أبيب.

حيث قال الدكتور عبد السلام بوسالم: "لا يمكن القول إن روسيا تمنع كل الانتهاكات الإسرائيلية، لكنها بالتأكيد تلعب دوراً محورياً في كبح التصعيد، عبر قنوات تواصل مفتوحة مع الطرفين. وجودها العسكري في حميميم يشكّل عنصر ردع فعلي ويستطيع الحدّ من حرية الحركة الإسرائيلية في الأجواء السورية إذا وصلت الأطراف إلى تفاهمات معينة."

ويضيف بوسالم أن هذا الوجود "يمنح دمشق فرصة لإعادة ترتيب أولوياتها الدفاعية دون أن تنجرّ إلى مواجهة مباشرة غير محسوبة".

شراكة واقعية لا ارتهان سياسي

يرى محللون أن تعميق الشراكة السورية – الروسية لا يعني ارتهان القرار الوطني السوري، بل يمثل خياراً استراتيجياً ينسجم مع موازين القوى الدولية الراهنة.

فروسيا – بحسب الباحث في الشؤون الإقليمية "ما تزال من الدول القليلة التي تتعامل مع سوريا من منطلق المصالح المتبادلة، لا من منطلق الوصاية أو الإملاء السياسي".

ويضيف بوسالم: "في ظل التذبذب الغربي تجاه العقوبات المفروضة على سوريا وامتناعها عن دعم دمشق "أمنيًا"، فإن الشراكة مع موسكو تمنح دمشق متنفساً دبلوماسياً واقتصادياً وعسكريًا يمكن البناء عليه لتخفيف الضغط الخارجي وتعزيز الاستقرار الداخلي."

نحو صياغة جديدة للعلاقات

التحركات الأخيرة تمهّد لزيارة مرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو خلال الأسابيع المقبلة بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمشاركة في فعاليات القمة العربية – الروسية، حيث يُتوقع أن تتركز المباحثات على إعادة صياغة العلاقات السورية – الروسية بما يواكب المتغيرات الإقليمية والدولية.

ويختم الدكتور عبد السلام بوسالم بالقول: "ما تحتاجه سوريا اليوم ليس فقط دعم الحليف، بل صياغة علاقة متوازنة تحفظ استقلال القرار الوطني وتستفيد من الخبرات الروسية في الدفاع وإعادة الإعمار. هذه هي الواقعية السياسية التي تفرضها المرحلة الراهنة."

وتبدو العلاقة السورية – الروسية اليوم أمام مرحلة جديدة من التثبيت والتطوير، تتجاوز البعد العسكري نحو شراكة استراتيجية أشمل. وبينما تتعدد القوى المنخرطة في الساحة السورية، تظل موسكو أحد أبرز العوامل التي أسهمت – ولا تزال – في منع انهيار توازن القوى داخل سوريا، وفي تأمين مظلة استقرار نسبي وسط عواصف الإقليم المتلاحقة.