فضيحة تهريب آثار يمنية في برشلونة: شاهدا قبر قتبانيان يثيران غضب الخبراء وتدخل الشرطة الإسبانية

بدأت الشرطة الإسبانية تحقيقًا رسميًّا حول قطعتين أثريتين يمنيتين عُرضتا للبيع في مزاد علني نظمته دار "تمبلوم" (Templum) للفنون الجميلة والآثار في مدينة برشلونة يوم 30 يوليو 2025، وفق ما كشفه الباحث المتخصص في الآثار اليمنية، عبدالله محسن. وتُعد هذه الخطوة تطورًا لافتًا في الجهود الدولية لمواجهة تهريب التراث الثقافي اليمني، الذي يشهد تصاعدًا مقلقًا منذ اندلاع الأزمة السياسية والأمنية في البلاد.
وأوضح محسن أن القطعة الأولى هي شاهد قبر يعود إلى الحقبة القتبانية (القرن الأول قبل الميلاد – القرن الأول الميلادي)، يحمل منحوتة لرأس ثور ونقشًا بخط المسند، أحد أقدم أنظمة الكتابة في جنوب الجزيرة العربية.
غير أن الباحث أشار إلى وجود شكوك جدية حول أصالة النقش، إذ يبدو أن كتاباتٍ مُضافة إليه لا تتماشى مع القواعد اللغوية والنحوية المعروفة في النقوش القتبانية، ما يرجّح تزويرًا متعمدًا لرفع قيمته السوقية.
أما القطعة الثانية، فهي شاهد جنائزي مصنوع من المرمر يعود إلى الفترة التاريخية ذاتها، ويحمل نقشًا باللغة العربية الجنوبية القديمة إلى جانب صورة بشرية منحوتة بدقة.
وقد عُرضت القطعتان ضمن "المزاد الصيفي الكبير للفنون الجميلة والآثار والكنوز الملكية والفنون المعاصرة والمجوهرات"، وهو حدث سنوي يجذب جامعي التحف والقطع النادرة من مختلف أنحاء العالم.
ودعا محسن الحكومة اليمنية، ممثلةً بوزارتي الخارجية والثقافة، إلى التحرك العاجل ومتابعة القضية بالتنسيق مع السلطات الإسبانية، مؤكدًا أن القطعتين تُعدّان جزءًا لا يتجزأ من التراث الوطني اليمني، ويجب استعادتهما وفق الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية، مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970.
وتأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد ملحوظ لعمليات تهريب الآثار اليمنية إلى الأسواق العالمية، لا سيما منذ سيطرة المليشيا الحوثية المدعومة من إيران على مناطق واسعة من البلاد.
وتشير تقارير دولية إلى أن العواصم الأوروبية، مثل لندن وباريس وبرشلونة، باتت وجهات رئيسية لتسويق القطع الأثرية النادرة عبر شبكات تهريب منظمة يُعتقد أن المليشيا تديرها أو تستفيد منها ماليًّا، مستغلة الفراغ الأمني وضعف الرقابة على المواقع الأثرية.
ويُعدّ التراث الأثري اليمني من أغنى وأقدم التراثات في العالم، إذ يمتد عبر حضارات سبأ، ومعين، وقطبان، وحضرموت، ويشكّل مصدر فخر وطني وهوية تاريخية.
لكنه اليوم يواجه خطر الاندثار والنهب المنظم، ما يستدعي تضافر الجهود المحلية والدولية لحمايته وضمان عودة ما سُرق منه إلى أرضه الأم.