الحوثيون في دوامة التصعيد: تحشيد عسكري مكثف وتهديدات بحرية لـ”تصدير الأزمة” الداخلية
تشهد جماعة الحوثي تصعيداً عسكرياً غير مسبوق في ظل حالة من التخبط الداخلي، حيث كثّفت خلال الأسابيع الأخيرة عمليات التحشيد والتعبئة القسرية إلى جبهتي الحديدة وتعز، وسط مواجهات متقطعة تمتد على طول خطوط التماس مع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن الجماعة أعادت تفعيل آليات التجنيد الإجباري في مناطق سيطرتها، مستغلة خطاباً دينياً وتحريضياً لدفع مقاتلين جدد إلى الجبهات، في محاولة واضحة لاستعادة زخمها العسكري المفقود، بعد سنوات من الجمود النسبي على الأرض.
تصعيد في البر والبحر... وتهديدات موجّهة للسعودية
ولم يقتصر التصعيد الحوثي على الجبهات البرية، بل امتد ليشمل البحر الأحمر، حيث أطلقت الجماعة سلسلة تهديدات جديدة تستهدف الملاحة الدولية وسفن التحالف بقيادة السعودية، في خطوة تُقرأ كمحاولة لفرض ورقة ضغط جديدة على طاولة المفاوضات أو لجذب الانتباه الدولي بعيداً عن أزماتها الداخلية.
ويُنظر إلى هذه التحركات على أنها "مناورة هروب إلى الأمام"، وفق تحليلات سياسية، تهدف إلى تغطية الانهيار المتزايد في مناطق سيطرة الجماعة، سواء على الصعيد الاقتصادي، أو الخدمي، أو حتى الأمني، في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضد ممارساتها القمعية وانهيار العملة المحلية وتفشي الفقر والبطالة.
أزمة داخلية تدفع نحو "حرب تصديرية"
ويرى مراقبون أن التصعيد الحوثي الحالي لا يعكس قوة، بل هشاشة بنيوية داخل الجماعة، التي تجد نفسها محصورة بين سخط شعبي متزايد، وانقسامات داخلية لم تعد سرّاً، وضعف في خطابها السياسي الذي فقد جاذبيته حتى بين أنصارها.
ويقول الباحث في الشأن اليمني، الدكتور أحمد المروني:
"الحوثيون يدركون أن استمرار الهدوء الميداني يكشف عجزهم عن إدارة المناطق الخاضعة لهم. لذا يلجأون إلى التصعيد العسكري كوسيلة لصرف الأنظار عن فشلهم الذريع في تقديم أدنى مقومات الحياة لليمنيين".
هل ينجح "رهان الحرب" في إنقاذ الجماعة؟
رغم أن الجماعة تسعى من خلال هذا التصعيد إلى إعادة إنتاج صورة "المقاومة" أمام جمهورها، إلا أن خبراء يرون أن الرهان على الحرب لم يعد مجدياً، خصوصاً في ظل تراجع الدعم الإقليمي والدولي لأي تصعيد عسكري، وتمسك الحكومة اليمنية والتحالف بخيار الحل السياسي، شرط التزام الحوثيين بوقف العدائيات.
وفي الوقت الذي تزداد فيه معاناة المدنيين في مناطق النزاع، يبقى السؤال الأهم: هل سيُجبر التصعيد الحوثي المجتمع الدولي على التدخل مجدداً، أم أن الجماعة ستغرق أكثر في أزمتها الداخلية، حتى لو كلفها ذلك خسائر ميدانية فادحة؟












