زلزال كامتشاتكا القوي يثير الذعر دون تسونامي مدمر.. ما السبب العلمي؟

ضرب زلزال كامتشاتكا القوي، بقوة 8.8 درجات على مقياس ريختر، سواحل شرق روسيا صباح الأربعاء، مثيرًا حالة من الذعر بين السكان، خصوصًا في المناطق المطلة على المحيط الهادئ. ورغم إجلاء ملايين الأشخاص، فإن التسونامي الناتج عن هذا الزلزال لم يكن بالحدة الكارثية التي خشيها العلماء والمواطنون على حد سواء.
موقع الزلزال وتأثيره المحدود
وقع مركز زلزال كامتشاتكا ضمن منطقة "حزام النار"، حيث تكثر الزلازل والبراكين على امتداد حواف المحيط الهادئ. تسبب الزلزال في موجات مد بلغ ارتفاعها نحو 4 أمتار فقط، دون أن تصل إلى الحجم المدمر المعروف عن تسونامي مثل الذي ضرب اليابان عام 2011 أو إندونيسيا عام 2004.
تفسير العلماء لغياب التأثير الكارثي يعود إلى عدة عوامل، أهمها عمق مركز الزلزال (حوالي 20.7 كيلومترًا تحت الأرض)، والشكل الجيولوجي لقاع البحر المحيط بكامتشاتكا، بالإضافة إلى طبيعة الحركة التكتونية.
لماذا لم يحدث تسونامي مدمر رغم شدة الزلزال؟
وفقًا للخبراء، فإن زلازل الدفع الهائل مثل زلزال كامتشاتكا تُولد عن احتكاك الصفائح التكتونية، وعادة ما تؤدي إلى موجات تسونامي ضخمة. ومع ذلك، فإن حجم الموجة الناتجة يعتمد على كمية الإزاحة المائية وشكل قاع البحر. في هذه الحالة، ورغم تحرك الصفيحة المحيطية بسرعة 8 سم سنويًا، فإن شكل الأرض تحت البحر قلّل من قوة ارتفاع الموجة، مما أنقذ المنطقة من كارثة محتملة.
دروس من الماضي وأنظمة إنذار مبكر
تطور أنظمة الإنذار المبكر كان له دور محوري في الحد من الخسائر المحتملة نتيجة زلزال كامتشاتكا. فبعكس ما حدث في تسونامي المحيط الهندي عام 2004، حيث لم تكن هناك تحذيرات مسبقة، فإن مناطق عديدة في المحيط الهادئ كانت مستعدة هذه المرة.
وتقوم مراكز رصد التسونامي بتحليل عمق الزلزال وسرعة انزلاق الصفائح لحساب احتمالية تسونامي فوري. وفي حالة كامتشاتكا، تم إصدار تحذيرات مبكرة ساعدت على إجلاء السكان في الوقت المناسب.
كامتشاتكا تحت المراقبة بعد الزلزال
يتوقع علماء هيئة المسح الجيولوجي الأميركية استمرار الهزات الارتدادية في المنطقة خلال الأسابيع المقبلة. كما أشار الخبراء إلى أن الزلزال الأخير قد يكون مرتبطًا بنشاط سابق تم تسجيله في المنطقة، مثل الزلزال بقوة 7.4 درجات الذي وقع قبل عشرة أيام فقط.
ولا يزال علماء الزلازل في الأكاديمية الروسية للعلوم يدرسون التكوين الجيولوجي لمنطقة زلزال كامتشاتكا لفهم مدى احتمالية حدوث زلازل مشابهة أو أكبر في المستقبل.
رغم قوته، لم يتحول زلزال كامتشاتكا إلى كارثة تسونامي كما حدث في مواقف سابقة، بفضل مجموعة من العوامل الجيولوجية والتكنولوجية. ومع استمرار مراقبة النشاط الزلزالي في المنطقة، تبقى شبه جزيرة كامتشاتكا مثالًا حيًا على تعقيد الطبيعة، وضرورة الجاهزية الدائمة أمام قوى الأرض.