نحو رؤية استراتيجية لتقييم صعود الصين كقطب عالمي وتأثيره علينا ؟!

تابع كثيرون منا العرض العسكري الصيني المدهش الذي أقيم في "بيجين" اليوم بانبهار وفرحة وإعجاب.!
وهو العرض الكبير الذي حضره العديد من رؤساء الدول والمئات من المسؤولين من مختلف أنحاء العالم.
لقد تجاوزت الصين كونها دولة عظمى إلى كونها تشكل القطب العالمي الجديد حيث صار العالم اليوم ثنائي القطب.
لقد انتهت مرحلة الهيمنة الأمريكية على العالم حيث ظهرت الصين كقطب عالمي منافس.
ولا يعني هذا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنهار بين عشية وضحاها، ولكنها ستتراجع بشكل تدريجي ثم ستبدأ بالانسحاب من مناطق العالم لتنكفئ على مشاكلها، وهذا سيأخذ وقتا ربما سيكون أطول مما نتخيل.
كما لا يعني هذا أن الصين القطب العالمي الجديد خاليا من المشاكل، وطريقه بلا عقبات وعراقيل.
فالصين رغم تقدمها الصاروخي في مجالات عديدة أبرزها الاقتصاد لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مختلف المجالات.
الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية لن تتسامح مع هذا الصعود والتفوق الصيني، وستبذل كل جهودها لعرقلته وستلقي بكل أوراقها، فالمعركة مع الصين هي معركة استراتيجية ومعركة أمن قومي أمريكي بكل المقاييس.
216.73.216.131
لقد سعت واشنطن لتطويق الصين بحزامين الحزام الأول باسم "سلسلة الجزر الأولى"، ويمتد من جزر كوريل شمال اليابان إلى جزر ريوكيو، ثم تايوان والفلبين، وصولا إلى إندونيسيا.
ولإدراك حجم الاستثمار الأميركي في بناء هذا الحزام، يكفي الإشارة إلى أن تايوان وحدها قد تلقَّت مساعدات أميركية تُقدَّر بـ30 مليار دولار منذ عام 2009م.
أما الحزام الثاني فيتشكل بالسلسلة الثانية فتتكون من جزر بونين وجزر البركان، بالإضافة إلى جزر ماريانا، وتشمل جزيرة غوام التي تستضيف قاعدة أميركية كبيرة، مرورا بجزر كارولين الغربية، وانتهاء بغينيا بابوا الجديدة. فيما تلعب أستراليا دورا حاسما في تقديم الدعم اللوجيستي للأحزمة الأميركية ضمن ما يُطلَق عليه "حلقة الدفاع الأميركي المتقدم".
ولذا فإن التحدي الأكبر أمام الصين هو أن تتجاوز هذه الأحزمة الأمريكية وتكسرها عسكريا أو تفككها سياسيا ثم تنطلق إلى العالم.
ولكن السؤال الأهم بالنسبة إلينا هو:
_ ماذا سنستفيد من تحول العالم إلى عالم ثنائي القطب أو حتى عالم متعدد الأقطاب؟!
_ ماذا يعني هذا بالنسبة إلينا؟!
لن نقول: متى سنصبح مثل الصين أمة واحدة قوية ناهضة في كل المجالات فهذا ما يزال بعيدا عن المدى القريب والمتوسط؛ لكننا سنقول:
_ هل نمتلك كعالم عربي وإسلامي تصورا للمرحلة القادمة وكيفية التعامل معها والاستفادة من هذا التحول؟!
وهل صعود الصين كقوة عالمية سيخدمنا أم أن الصين ستكون أسوأ من الولايات المتحدة الأمريكية؟!
إننا نحتاج إلى قراءة واعية لما تمثله الصين من صعود عالمي؟ ومدى تأثير هذا الصعود علينا؟ وما هي الفرص التي يجب أن نستغلها من هذا التدافع الذي هو سنة من سنن الله في أرضه؟
نحتاج لقراءة استراتيجية واعية لهذا الصعود الصيني بعيدا عن العواطف والانبهار بقوة الآخرين وتنظيمهم بينما نحن في غاية التفرق والتشرذم.
قراءة توضح ماذا سيقدم لنا الصعود الصيني من فرص أو تحديات.
وهل لدينا القدرة على استغلالها والاستفادة منها؟!