تصعيد روسي جديد.. موسكو ترفع صادرات الغاز رغم العقوبات واختبار لصبر ترمب

كثّفت موسكو خلال الأشهر الماضية من صادراتها من الغاز الروسي المسال رغم استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة على بعض منشآتها منذ عام 2023، ووفقاً لبيانات تتبع السفن التي استعرضتها وكالة بلومبرغ، فإن منشأة “آركتيك إل إن جي 2” في المنطقة القطبية الشمالية شحنت عشر دفعات من الغاز منذ يونيو الماضي، وهو ما يعكس محاولة روسية واضحة لتجاوز القيود الغربية المفروضة على قطاع الطاقة.
تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية – الصينية توتراً متزايداً، بينما تتجنب واشنطن حتى الآن فرض عقوبات إضافية على الغاز الروسي المسال، في خطوة تبدو محسوبة لتفادي إشعال مواجهة اقتصادية جديدة.
منشأة آركتيك إل إن جي 2 تتحدى العقوبات الأمريكية
تُعد منشأة “آركتيك إل إن جي 2” أحد أبرز المشاريع الروسية في مجال الغاز الطبيعي المسال، وقد خضعت لعقوبات من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن عام 2023 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ورغم القيود، واصلت المنشأة عمليات التصدير، حيث تم تحميل الشحنة العاشرة مؤخرًا متجهة إلى الصين وشرق روسيا.
وتُظهر بيانات الملاحة أن معظم الشحنات السابقة توجهت إلى ميناء “بيهاي” في جنوب الصين، فيما نُقلت أخرى إلى منشآت تخزين روسية داخلية لتفادي خطر تجميد الشحنات بفعل الجليد في المنطقة القطبية.
الصين وجهة مفضلة للغاز الروسي المسال
تشير البيانات إلى أن الصين استقبلت ثماني شحنات من الغاز الروسي المسال الخاضع للعقوبات منذ أغسطس الماضي، وتم تنفيذ عمليات التفريغ في ميناء “بيهاي” الذي يتميز بانخفاض نشاطه الدولي، في محاولة من بكين لحماية قطاع الطاقة لديها من أي تداعيات أو ردود أفعال غربية محتملة.
ويرى مراقبون أن اعتماد الصين على الغاز الروسي يعزز شراكتها الاستراتيجية مع موسكو، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة وتباطؤ الإمدادات من الأسواق الغربية.
واشنطن تتجنب التصعيد رغم تصاعد التوتر
رغم اشتداد الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين مؤخرًا، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم تقدم حتى الآن على تشديد العقوبات ضد الغاز الروسي المسال، مفضلة التركيز على الملفات السياسية والدفاعية المتعلقة بأوكرانيا.
ومن المنتظر أن يلتقي ترمب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن لبحث ملفات الطاقة والدفاع الجوي، وهو لقاء قد يحدد ملامح الموقف الأمريكي المقبل من صادرات الطاقة الروسية.
مشروع الغاز الروسي بين الطموح والمخاطر
كان مشروع “آركتيك إل إن جي 2” قد تمكن من إنتاج ثماني شحنات خلال صيف 2024، لكنه اضطر إلى تعليق بعض عملياته في أكتوبر الماضي بعد صعوبة العثور على مشترين، في ظل تردد المستوردين من مواجهة عقوبات أمريكية محتملة، كما تسببت ظروف الطقس القاسية في تجميد بعض المسارات البحرية، مما أجبر السفن على العودة إلى الموانئ الروسية الداخلية لتخزين الشحنات.
ويُتوقع أن تستمر موسكو في تصدير الغاز عبر موانئها الشرقية خلال فصل الشتاء، في إطار استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على حصتها في سوق الطاقة العالمي رغم العقوبات الغربية.
اختبار جديد لواشنطن وبكين
تمثل تحركات روسيا الأخيرة اختبارًا حقيقيًا لصبر إدارة ترمب، خاصة مع استمرار بكين في استقبال الغاز الخاضع للعقوبات، وبينما تراقب واشنطن تطورات السوق عن كثب، تبدو موسكو مصممة على إثبات قدرتها على تجاوز القيود، مما قد يشعل جولة جديدة من الصراع الاقتصادي بين القوى الكبرى.