الأحد 14 سبتمبر 2025 11:37 مـ 22 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”5 وفيات... 1090 إصابة... وصمت ! ما الذي يحدث حقاً في ساحل حضرموت؟”

الإثنين 15 سبتمبر 2025 12:46 صـ 23 ربيع أول 1447 هـ
مستشفى بن سيناء بساحل حضرموت
مستشفى بن سيناء بساحل حضرموت

دقت الإحصائيات الصحية ناقوس الخطر في مديريات ساحل حضرموت، بعد أن تجاوزت الإصابات المؤكدة والمشتبه بها من ثلاث أمراض وبائية خطيرة — الحصبة وحمى الضنك والكوليرا — حاجز الألف حالة جديدة منذ مطلع العام 2025، وسط تسجيل وفيات وارتفاع مقلق في أعداد المصابين غير المطعّمين، ما يهدد بانفجار وبائي غير مسبوق في منطقة تعاني أصلاً من تدهور البنية التحتية الصحية ونقص حاد في الموارد.

216.73.216.105

وأكدت دائرة الترصد الوبائي بمكتب الصحة العامة والسكان في ساحل حضرموت، في تقريرها الرسمي الصادر الأحد، أن إجمالي الحالات التراكمية المسجلة بين 1 يناير و11 سبتمبر 2025 بلغ 1,090 حالة جديدة، تمثل تضاعفاً ملحوظاً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مع تسجيل خمس حالات وفاة مرتبطة مباشرة بالعدوى، جميعها ناجمة عن الحصبة.

وفيات الحصبة: تحذير من جيل مفقود

وأشار التقرير إلى أن الوفيات الخمس جميعها لأشخاص دون سن 15 عاماً، وتوزعت على النحو التالي:

  • حالتان في مدينة المكلا (عمر 3 سنوات و7 سنوات)،
  • حالتان في مديرية الديس (عمر 4 سنوات و8 سنوات)،
  • وحالة خامسة لطفل وافد من منطقة نائية في مديرية الوادي، كان قد وصل إلى مركز صحي في المكلا وهو في حالة حرجة نتيجة مضاعفات الحصبة.

وأكدت مصادر طبية أن جميع المتوفين لم يتلقوا أي جرعة من لقاح الحصبة، وأن أسرهم لم تتمكن من الوصول إلى مراكز التلقيح بسبب ضعف التغطية الصحية، أو بسبب انعدام الثقة في الخدمات، أو بسبب انتشار الشائعات حول أمان اللقاحات.

توزيع الإصابات: المكلا مركز التفشي الأول

وبحسب التوزيع الجغرافي للإصابات:

الحصبة:

  • 494 حالة اشتباه، منها 53 إصابة مؤكدة (بنسبة 10.7% من حالات الاشتباه).
  • المكلا تتصدر القائمة بـ 161 حالة اشتباه، تليها مديرية الديس بـ 112 حالة، ثم حجر بـ 78 حالة.
  • 69% من المصابين بالحصبة لم يتلقوا أي جرعة من اللقاح، وهو رقم يمثل "تحذيراً صارخاً" وفقاً للدكتورة فاطمة أحمد، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مكتب الصحة.
  • "نحن أمام جيل مهدد. لو استمر هذا النمط، فإننا نخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال في المناطق النائية"، حذرت الدكتورة.

حمى الضنك:

  • 412 حالة اشتباه، منها 6 إصابات مؤكدة فقط (نسبة 1.4%)، لكن الخبراء يحذرون من أن هذه النسبة قد تكون أقل من الواقع بسبب ضعف الفحوص المخبرية.
  • المكلا تظل البؤرة الأساسية بـ 162 حالة اشتباه، تليها مديرية الوادي بـ 98 حالة، ثم شحر بـ 74 حالة.
  • يُرجح أن تزايد الإصابات مرتبط بارتفاع درجات الحرارة وهطول الأمطار الموسمية، مما خلق بيئة مثالية لتكاثر بعوض Aedes aegypti، ناقل الفيروس.

الكوليرا:

  • 184 حالة اشتباه، منها 3 إصابات مؤكدة، وهي جميعها في مديرية حجر، التي تشهد تدهوراً حاداً في خدمات المياه والصرف الصحي.
  • 116 حالة اشتباه في حجر وحدها، ما يشير إلى وجود تفشي محلي، رغم عدم تأكيده مخبرياً حتى الآن.
  • وتشير التحاليل المبدئية إلى ارتباط بعض الحالات باستخدام مياه غير آمنة من الآبار العشوائية أو مصادر ملوثة بالمجاري.

99% من المصابين تعافوا… لكن الخطر لا يزال محدقاً

وأكدت الدائرة أن 99% من المصابين تماثلوا للشفاء، وذلك بفضل الجهود الميدانية المكثفة من الفريق الطبي والفرق المتنقلة، التي تعمل تحت ظروف صعبة، مع نقص في الأدوية، والأمصال، وأجهزة التشخيص، وحتى في الكهرباء والماء في بعض المراكز الصحية.

لكن التحذير الأكبر ينصب على الاستعدادات غير الكافية لمواجهة موجة ثانية، خاصة مع اقتراب موسم الأمطار القادم، وانهيار نظام التلقيح الوطني، الذي لم يُستكمل منذ أكثر من عامين بسبب توقف الدعم الدولي وانهيار سلسلة التبريد.

المجتمع المدني يتحرك… لكنه لا يكفي

وفي المقابل، بدأت بعض الجمعيات الأهلية والشبابية في المكلا وحجر والديس بتنظيم حملات توعية ميدانية، وتوزيع مياه معبأة، وتنظيف البيئات الملوثة، لكنها تواجه عجزاً كبيراً في التمويل والكوادر.