الأحد 19 أكتوبر 2025 04:05 صـ 27 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

”مدرسة في العراء” في أبين: أطفال يتعلّمون تحت لهيب الشمس وغبار الإهمال

الأحد 19 أكتوبر 2025 12:01 صـ 27 ربيع آخر 1447 هـ
التعليم في العراء
التعليم في العراء

في مشهدٍ يمزج بين الإرادة والمعاناة، يواصل عشرات التلاميذ في قرية "أمسخل لقفاع" بمديرية لودر بمحافظة أبين، رحلتهم التعليمية وسط ظروفٍ قاسية تفتقر إلى أبسط مقوّمات التعلّم.

فبدون جدران تُظلّهم أو سقفٍ يقيهم حرّ الصيف وعصف الرياح، يجلس الأطفال على الأرض الترابية، محاطين بالغبار والشمس الحارقة، متمسّكين بأقلامهم ودفاترهم كأنها سندٌ وحيد أمام واقعٍ مرير.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورٌ مؤثرة تُظهر طلابًا في مراحل دراسية مبكرة يتلقّون دروسهم في العراء، لا فاصل بينهم وبين عناصر الطبيعة سوى إصرارهم على التعلّم وتفاني معلّميهم في إيصال المعرفة. وقد وصف ناشطون محليون المشهد بأنه "صرخة إنسانية صامتة"، تُجسّد تجاهلًا مزمنًا للواقع التعليمي في المناطق النائية، وتنذر بضياع مستقبل جيلٍ كامل تحت وطأة الإهمال الرسمي.

ويقول أحد أهالي القرية: "أبناؤنا يذهبون إلى مدرستهم كل صباح وهم يعلمون أنهم لن يجدوا سوى الأرض والسماء، لا كراسي، لا سبورات، لا مياه نظيفة، ولا حتى خيمة تقيهم حرّ الظهيرة". وأضاف بمرارة: "نحن لا نطلب قصرًا، بل نطلب فقط حقّ أطفالنا في تعلّمٍ كريم".

وفي ظل غياب أي استجابة رسمية حتى اللحظة، وجّه الأهالي والمجتمع المحلي نداءً عاجلًا إلى مكتب التربية والتعليم في محافظة أبين، والسلطات المحلية، والمُنظمات الإنسانية العاملة في القطاع التعليمي، داعين إلى التدخل الفوري لتوفير حلول مؤقّتة—مثل خيمة تعليمية أو مظلّات مدرسية—تحفظ كرامة هؤلاء الأطفال وتحمي صحتهم، وتكفل لهم حقّهم الدستوري في التعليم.

ويُعدّ هذا المشهد واحدًا من عشرات الحالات المشابهة التي تنتشر في مناطق ريفية عدة بمحافظة أبين، حيث يعاني قطاع التعليم من تدهورٍ حاد جرّاء سنوات من النزاعات، وضعف التمويل، وغياب خطط الطوارئ التعليمية. ويبقى السؤال الأصعب: إلى متى سيظلّ التعليم في اليمن رفاهيةً لمن يملك سقفًا، وحلماً مستحيلاً لمن يعيش تحت السماء؟