الحوثيون يُوسّعون حملة مصادرة الأراضي في عمران: نهب منظم تحت غطاء ”المشاريع السكنية”

تصاعدت وتيرة الحملات الحوثية لمصادرة الأراضي وتجريف الممتلكات الخاصة في محافظة عمران شمال صنعاء، في إطار ما وصفه سكان محليون بـ"نهب منظم" تُنفّذه الجماعة تحت ذرائع واهية، أبرزها ادعاء ملكية الدولة لتلك الأراضي أو تخصيصها لـ"مشاريع سكنية" وهمية.
مصادرة واعتقالات في جبل عيال يزيد
في تطور لافت، نفّذت ميليشيات الحوثي، قبل أيام، حملة مداهمة واسعة في منطقة الملحّة التابعة لمديرية جبل عيال يزيد، اعتقلت خلالها ثمانية مواطنين بعد رفضهم توقيع تعهدات تمنعهم من الاعتراض على قرارات مصادرة أراضيهم. وبحسب مصادر محلية، فإن الحملة جاءت بناءً على أوامر مباشرة من القيادي الحوثي المعروف بـ"أبو ماجد الجيش"، الذي ينتحل صفة نائب مدير أمن المديرية، ويُعد أحد أبرز المنفّذين الميدانيين لسياسات الاستيلاء على الأراضي.
استهداف مصدر الرزق الوحيد
وأطلق السكان المتضررون نداءات استغاثة ملحة إلى المنظمات الحقوقية والجهات المعنية، محذّرين من تداعيات إنسانية واقتصادية كارثية، إذ إن تلك الأراضي الزراعية تمثل مصدر رزقهم الوحيد. وأكدوا أنهم "متمسكون بحقهم التاريخي في أراضٍ ورثوها عن آبائهم وأجدادهم"، مشيرين إلى أن الجماعة تعمد إلى تجاهل أي وثائق ملكية رسمية أو عرفية.
وفي سياق متصل، أفاد شهود عيان بأن الحوثيين نفذوا نزولاً ميدانياً في منطقة الحلة (نفس المديرية)، حيث جرى حصر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وإجبار عدد من المزارعين على التوقيع على تعهدات تجيز للجماعة مصادرتها. وقد قوبلت هذه الإجراءات برفض شعبي واسع واستنكار من أهالي المنطقة.
أوسع حملة منذ مارس الماضي
وتشن الجماعة، منذ أواخر مارس 2025، ما وصفته المصادر بـ"أوسع حملة استيلاء على الأراضي والممتلكات الخاصة" في عمران، طالت مديريات ريدة، حوث، سفيان، جبل يزيد، وخمر، تحت ذريعة "التخطيط لإنشاء مدن سكنية".
وبحسب تقديرات محلية، فقد استولت الجماعة، منذ مطلع أكتوبر الجاري، على نحو ألف لبنة (وحدة قياس محلية تعادل 44 متراً مربعاً لكل لبنة)، في محيط مدينة عمران وحدها، أي ما يعادل نحو 44 ألف متر مربع من الأراضي الخصبة.
وتشير المصادر إلى أن عمليات المصادرة تجري تحت إشراف مباشر من قيادات أمنية وعسكرية حوثية، بينها عناصر تابعة لما يُعرف بـ"جهاز الأمن الوقائي"، الذراع الأمني الأبرز للجماعة. كما تنتشر عربات عسكرية في مناطق متفرقة من المحافظة، حيث تُستخدم لتطويق الأراضي الزراعية ومنع أصحابها من الوصول إليها أو الاعتراض على مصادرتها.
مشاريع وهمية.. ومستفيدون حقيقيون
ورغم ادّعاء الجماعة أن هذه الإجراءات تهدف إلى "تنظيم عمراني" و"إسكان المواطنين"، فإن السكان يؤكدون أن المستفيدين الحقيقيين هم قيادات ومشرفون حوثيون، يستولون على الأراضي لصالحهم الشخصي أو لصالح عائلاتهم.
ويشير مراقبون محليون إلى أن هذه السياسة تأتي في سياق أوسع يهدف إلى توسيع النفوذ الاقتصادي للحوثيين، بعد أن أنهوا هيمنتهم على مؤسسات الدولة والإيرادات العامة في مناطق سيطرتهم.
تحذيرات قبلية من "فتنة اجتماعية"
وفي مواجهة هذه الحملات، عقد وجهاء قبليون في عمران تجمعاً طارئاً حذّروا فيه من تداعيات خطيرة، محذّرين من أن استمرار الحوثيين في مصادرة الأراضي قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي واسع، قد يمتد إلى مديريات أخرى.
ووصف الوجهاء ما يجري بأنه "استغلال سافر للنفوذ الأمني والعسكري"، مشددين على أن هذه الممارسات تفتقر لأي مسوّغ قانوني أو شرعي، وتُهدّد النسيج الاجتماعي للمنطقة.
مخاوف من تكرار سيناريوهات سابقة
ويتخوّف سكان عمران من أن تُحوّل أراضيهم الزراعية الخصبة إلى مشاريع خاصة أو تُمنح كمكافآت لقيادات ميدانية، على غرار ما حدث في مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الجماعة، حيث وزّعت مساحات شاسعة من الأراضي على أتباعها في إطار سياسة ممنهجة لإعادة تشكيل البنية الاجتماعية والاقتصادية في مناطق سيطرتها.
ووسط غياب شبه تام للسلطة القضائية والرقابية، يبقى سكان عمران عُرضة لمزيد من الانتهاكات، في ظل صمت دولي ومحلي يُخشى أن يشجّع الجماعة على التمادي في سياساتها التوسعية على حساب حقوق المواطنين ومصادر رزقهم.