معلمو ساحل حضرموت يواصلون احتجاجاتهم المتصاعدة.. والإضراب العام مستمر حتى تحقيق المطالب المالية والمعيشية

واصل المعلمون والمعلمات في مديريات ساحل حضرموت، يوم الخميس، تنظيم وقفات احتجاجية حاشدة في عدد من المراكز التعليمية والإدارية، في إطار تصعيد ممنهج يطالب بتحسين أوضاعهم المالية والمعيشية، وفي مقدمتها صرف رواتب المتعاقدين بشكل منتظم ودوري، بعد تراكم أشهر من التأخير أثقل كاهل الأسر التربوية وأدخلها في أزمات معيشية خانقة.
216.73.216.103
وجاءت الوقفات الاحتجاجية، التي شهدت مشاركة واسعة من الكوادر التعليمية، تعبيراً عن حالة الغضب والاستياء المتصاعد من تجاهل الجهات المعنية لمطالبهم المشروعة، رغم تكرار التفاوض والحوارات منذ يونيو الماضي، دون أن تُسفر عن أي حلول عملية أو التزامات ملموسة.
وفي بيان رسمي حمل طابعاً حاسماً، أكدت نقابة معلمي وتربويي حضرموت الساحل أن الإضراب العام الشامل سيستمر دون توقف حتى يتم انتزاع الحقوق المالية والوظيفية الكاملة للمعلمين، مشددة على أن أبسط تلك الحقوق تتمثل في إقرار رواتب مجزية تتناسب مع غلاء المعيشة، إلى جانب توفير حوافز شهرية تضمن لهم ولأسرهم حياة كريمة واستقراراً نفسياً ومادياً.
وأشار البيان إلى أن خطوات التصعيد لم تأتِ من فراغ، بل جاءت بعد "شهور من الصبر والتفاوض مع وزارة التربية والتعليم والسلطة المحلية، دون جدوى"، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع وزيادة معاناة المعلمين الذين يقفون على خط المواجهة الأول في العملية التعليمية، وهم يعانون من تجاهل متعمد لحقوقهم الأساسية.
وفي تحذير واضح من أي محاولات للضغط أو التهديد، حذرت النقابة من "أي إجراءات عقابية جماعية" قد تتخذها الجهات الرسمية ضد المعلمين المضربين، معتبرة أن حرمانهم من راتب شهر أغسطس، أو ربط صرفه بأي شروط إضافية غير متفق عليها، "يشكل مخالفة صريحة للقوانين والأنظمة الناظمة للعمل التربوي، وتتحمل وزارة التربية والتعليم المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عنها".
وأكدت النقابة في الوقت ذاته استعدادها الدائم للدخول في حوار جاد وهادف مع الجهات المعنية، شريطة أن يكون الحوار مبنياً على الاحترام المتبادل، وأن يفضي إلى نتائج ملموسة تُترجم على أرض الواقع، بما يحفظ كرامة المعلم ويحسن من وضعه المادي والمعنوي، باعتباره حجر الزاوية في بناء المجتمع وتطوير التعليم.
واختتم البيان بالإشارة إلى أن عودة المعلمين إلى مدارسهم "مرهونة حصراً بالاستجابة الفورية والعادلة لمطالبهم المشروعة"، مجددة التأكيد على أن الإضراب العام سيظل مستمراً كأداة ضغط مشروعة حتى تحقيق كامل المطالب، دون تنازل أو مساومة.
خلفية الاحتجاجات:
تشهد حضرموت الساحل، كغيرها من المحافظات اليمنية، أزمة معيشية متفاقمة طالت جميع القطاعات، لكنها ضربت الكوادر التعليمية بقوة، لا سيما المتعاقدين منهم الذين يشكلون النسبة الأكبر في المدارس. ويعاني هؤلاء من تأخر مستمر في صرف رواتبهم، بل وحرمانهم منها لأشهر متتالية، في ظل غياب أي خطة حكومية واضحة لمعالجة الأزمة أو حتى الاعتراف بحجمها.
وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت يواجه فيه قطاع التعليم تحديات كبيرة، أبرزها انهيار البنية التحتية للمدارس، ونقص الكوادر المؤهلة، وتراجع مستوى التحصيل العلمي للطلاب، ما يجعل من تحسين أوضاع المعلمين أولوية وطنية لا يمكن التغاضي عنها.
ردود فعل مجتمعية:
لاقت احتجاجات المعلمين تعاطفاً واسعاً من أولياء الأمور والمجتمع المحلي، الذين يدركون حجم التضحيات التي يقدمها المعلمون في ظل ظروف صعبة، ويطالبون الجهات المعنية بالاستجابة العاجلة لمطالبهم، باعتبار أن استقرار المعلم هو مفتاح استقرار العملية التعليمية برمتها.