مفاجأة من داخل الحوثيين: قيادي بارز يصف مقارنة 21 سبتمبر بـ26 سبتمبر بـ”الإساءة للتاريخ”!

هاجم القيادي الحوثي البارز محمد المقالح ما يُعرف بـ"ثورة 21 سبتمبر"، مؤكدًا أنها لا ترقى إلى مستوى المقارنة مع "ثورة 26 سبتمبر" التي يصفها بـ"المجيدة"، واصفًا أي محاولة لمقارنتهما بأنها "إساءة للتاريخ اليمني ككل".
216.73.216.103
وأوضح المقالح، في منشور على حسابه الرسمي في منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أنه شارك شخصيًا في أحداث ما يُسمى "ثورة 21 سبتمبر"، لكنه أشار إلى أنه كان حينها في سنٍّ لا تؤهله للمشاركة في ثورة 26 سبتمبر عام 1962، وهو ما جعله يشدد على أن "عدم المشاركة لا يعني التساوي في الأهمية أو المضمون التاريخي".
وقال المقالح: "لا يجوز لي ولا لأي شخص أن يقارن بين الحدثين، فثورة 26 سبتمبر كانت نقطة تحول جذرية في تاريخ اليمن، أطاحت بنظام الإمامة المطلق، وأرست أولى دعائم الجمهورية والوعي الوطني الحديث".
وأضاف: "أي مقارنة بين الحدثين ستكون إساءة صريحة لتاريخ ثورة 26 سبتمبر، وللتاريخ اليمني العام، لأنها تختزل مسيرة نضال شعب بأكمله في حدث سياسي معاصر لا يحمل نفس الأبعاد التحررية أو الفكرية".
وفي تحليل تاريخي نادر من قيادي حوثي، أشار المقالح إلى أن الظروف السياسية والاجتماعية في عهد الإمامين أحمد ويحيى حميد الدين كانت تجعل مجرد التفكير في ثورة شعبية مثل "21 سبتمبر" ضربًا من المستحيل، مؤكدًا أن أي محاولة للتمرد أو التغيير في تلك الحقبة كانت تواجه بـ"قمع عنيف وحشي"، لا يترك مجالًا للتنظيم أو التعبير السلمي.
وتابع: "في عهد الأئمة، لم يكن هناك فضاء للوعي السياسي الجماهيري، ولا وجود لوسائل تواصل أو تنظيم حزبي، بل كان الفكر المهيمن هو الطاعة العمياء للإمام، والمعارضة تعني الموت أو السجن أو النفي".
واعتبر المقالح أن الفضل في التحول الذي مكّن من ظهور أحداث لاحقة — حتى وإن اختلف مع مضامينها — يعود بالأساس إلى ثورة 26 سبتمبر، التي فتحت الباب أمام تكوين وعي جماعي بحقوق الإنسان، والحريات العامة، ومفاهيم المواطنة والدولة الحديثة.
وأضاف: "ما نعيشه اليوم من اختلاف في الأحداث أو طبيعة التحركات الشعبية أو السياسية، هو نتاج طبيعي لما خلفته ثورة 26 سبتمبر من إرث فكري وسياسي، ولو لم تكن تلك الثورة المجيدة، لما كان ممكنًا حتى التفكير في أي حراك سياسي معاصر".
ويأتي تصريح المقالح في سياق نقاشات محتدمة داخل الأوساط اليمنية، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حول شرعية أحداث 21 سبتمبر 2014، وما إذا كانت تمثل "ثورة شعبية" أم "انقلابًا مسلحًا". ويُعد المقالح من أبرز المثقفين الحوثيين، وهو ما يجعل تصريحه ذو وزن خاص، وقد يُقرأ كمحاولة لإعادة تعريف الحدث ضمن سياقه التاريخي، أو كنوع من التمايز الداخلي في خطاب الجماعة.
ويرى مراقبون أن هذا التصريح قد يفتح بابًا جديدًا للنقاش حول العلاقة بين الماضي والحاضر في الخطاب الحوثي، خصوصًا فيما يتعلق بتبني رموز تاريخية يمنية لا تنتمي إيديولوجيًا إلى المشروع الحوثي، مثل ثورة 26 سبتمبر التي يحتفي بها الجمهوريون والقوميون واليساريون.
وفي الختام، يبقى تصريح المقالح مثيرًا للجدل، ليس فقط لجرأته في التفريق بين حدثين يُستخدمان سياسيًا كمرجعيات تأسيسية، بل لأنه يعيد الاعتبار — ولو ضمنيًا — لثورة 26 سبتمبر كحدث تأسيسي لا يمكن تجاوزه أو تجاوز إرثه، حتى في زمن الحوثيين.