الخميس 16 أكتوبر 2025 06:28 مـ 24 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

عجوز أمريكي يتحدى الزهايمر رغم حمله الجينات المسببة للمرض.. لغز علمي يحيّر الباحثين

الخميس 16 أكتوبر 2025 07:29 مـ 24 ربيع آخر 1447 هـ
الزهايمر الوراثي
الزهايمر الوراثي

أدهش عجوز أمريكي لا يصاب بالزهايمر المجتمع العلمي بعدما تبين أنه يحمل الجينات الوراثية المسببة للمرض دون أن تظهر عليه أي أعراض إدراكية، الرجل، ويدعى "دوج ويتني" ويبلغ من العمر 76 عامًا، يُعد حالة فريدة من نوعها نظرًا لتمتعه بصحة عقلية كاملة رغم إصابته بطفرة جينية تُعرف بأنها تضمن تقريبًا الإصابة بمرض الزهايمر المبكر، الدراسة التي نشرتها كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس سلطت الضوء على حالته بهدف فهم كيفية مقاومته غير المسبوقة للمرض.

جين قاتل لا يعمل كما يجب

كشفت الدراسة أن ويتني يحمل طفرة في جين "بريسينيلين 2" (PSEN2)، وهو أحد الجينات التي تسبب عادة الزهايمر الوراثي المبكر، ورغم أن جميع أفراد عائلته الذين ورثوا الجين ذاته أصيبوا بتدهور إدراكي واضح في الخمسينيات من عمرهم، فإن ويتني ظل محافظًا على قدراته العقلية حتى السبعينيات، هذه المفارقة دفعت العلماء إلى التساؤل: ما الذي يجعل عجوزًا أمريكيًا لا يصاب بالزهايمر رغم امتلاكه المفتاح الوراثي له؟

تحليل دقيق للجينات والدماغ

قام الباحثون بتحليل التركيب الجيني والبروتيني لويتني بحثًا عن عوامل قد تفسر هذه المقاومة، المثير في النتائج أن دماغه لم يُظهر أي تراكم لبروتين "تاو"، وهو البروتين المسؤول عن تلف الخلايا العصبية وبداية التدهور الإدراكي، وأوضح الدكتور راندال باتمان، أستاذ علم الأعصاب بجامعة واشنطن، أن حالة ويتني تُظهر "مقاومة ملحوظة لعلم أمراض تاو والتنكس العصبي"، مشيرًا إلى أن هذه النتائج قد تمثل مدخلًا لتطوير علاجات جديدة مستوحاة من حالته.

تاريخ عائلي مليء بالمأساة

تنحدر عائلة ويتني من خلفية جينية مثقلة بالمرض، إذ كانت والدته واحدة من أربعة عشر طفلًا، تسعة منهم ورثوا جين الزهايمر وتوفى معظمهم قبل بلوغهم الستين، كما أصيب شقيقه بالمرض في منتصف الخمسينيات من عمره، ورغم أن ويتني خضع لاختبارات متعددة أكدت امتلاكه الجين المسبب للمرض، فإنه لم يُظهر أي من العلامات الإدراكية المرتبطة به، وهو ما جعل العلماء يصفونه بـ"الناجي الوراثي".

رحلة بحث مستمرة منذ 2011

بدأت علاقة ويتني بالعلماء عام 2011 حين شجعه أحد أقاربه على الانضمام إلى دراسة تهدف إلى فهم أشكال الزهايمر الوراثية، ومنذ ذلك الحين، أُجري له أكثر من فحص جيني ومغناطيسي دون العثور على أي خلل عصبي، المدهش أن كل الفحوصات أكدت امتلاكه الجين نفسه الذي أصاب أفراد عائلته، ما جعل الأطباء يصفون حالته بأنها "استثناء بيولوجي" يستحق التعمق والدراسة.

أمل جديد لعلاج الزهايمر

يأمل الباحثون في أن تساعد دراسة حالة عجوز أمريكي لا يصاب بالزهايمر في كشف أسرار مقاومته الطبيعية، بهدف تطوير علاجات تستنسخ هذه الحماية لدى الآخرين، وتشير التقديرات إلى أن فهم هذه الظاهرة قد يمهد الطريق نحو تصميم أدوية تمنع تراكم بروتينات "تاو" المدمرة أو تؤخر ظهور أعراض المرض لعقود، وإذا نجح العلماء في تحديد العامل الوراثي المسؤول عن مناعة ويتني، فقد يشهد العالم تحولًا جذريًا في علاج الزهايمر خلال السنوات القادمة.

من الظاهرة الفردية إلى الأمل العالمي

بينما ما زالت الأبحاث مستمرة، يرى العلماء في قصة ويتني دافعًا جديدًا لإعادة النظر في فهم الزهايمر، فوجود عجوز أمريكي لا يصاب بالزهايمر رغم كل المؤشرات الوراثية، يفتح باب الأمل أمام ملايين المصابين حول العالم، ويمنح الطب الحديث فرصة لإعادة كتابة فصول هذا المرض الغامض.