الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 01:49 صـ 20 جمادى أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

توتر كبير في أربعينية الشهيدة إفتهان المشهري.. ضغوط لمنع مرثية ”تثير الفتنة” تفرضها إرادة الحاضرين

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 03:14 صـ 21 جمادى أول 1447 هـ
افتهان المشهري
افتهان المشهري

شهدت محافظة تعز، قلب الثورة اليمنية النابض، توتراً سياسياً ومجتمعياً لافتاً خلال فعاليات تأبين الشهيدة الناشطة إفتهان المشهري، وذلك عقب محاولات مدبرة لمنع إلقاء مرثية شعرية كتبها الأكاديمي والشاعر حمود الصوفي.

وكشفت مصادر مطلعة عن ضغوط مارستها قيادات بارزة في حزب الإصلاح على محافظ المحافظة بهدف حذف القصيدة من برنامج الحفل، خشية من مضمونها الذي وُصف بأنه "قادر على تفجير الوضع"، في مشهد يعكس حجم الصراع على سرديات الشهداء ومسارات الإصلاح في المحافظة المنكوبة.

تفاصيل الضغوط والتهديد الأمني

وفقاً لمصادر إعلامية وصحفية موثوقة، لم تكن المحاولة عفوية، بل جاءت نتيجة تنسيق وضغوط مباشرة مارستها قيادات في تيار الإصلاح، الذي يعتبر أحد أقوى الفاعلين السياسيين في تعز، على السلطة المحلية. تم توجيه إنذار واضح لمحافظ تعز بضرورة إقصاء القصيدة من الفقرة الثقافية للحفل.

ولترجمة هذا الضغط إلى إجراء ملموس، استُدعيت السيدة صباح الشرعبي، رئيسة اللجنة التحضيرية للحفل، من قبل مساعد مدير أمن المحافظة، العقيد نبيل الكدهي. وخلال الاجتماع، نقل الكدهي رسالة صريحة ومباشرة، محذراً من أن "إلقاء هذه القصيدة قد يفجر الوضع في المحافظة"، وهو تهديد فُهم على أنه تحذير أمني قائم على معلومات استخباراتية، لكنه في جوهره، كما رآه الحاضرون، كان رسالة سياسية لفرض الرقابة.

أدى هذا التهديد المباشر إلى حالة من التردد والارتباك لدى مقدمة الحفل، التي بدت مترددة في الإعلان عن الفقرة التالية، مما خلف جواً من الصمت والتوتر الملحوظ بين الحضور الذين كانوا ينتظرون بدء البرنامج.

إصرار شعبي يفرض كلمة الحرية

رغم حالة الترهيب والضغوط الرسمية، لم يدم الصمت طويلاً. فور علم الحضور وعائلة الشهيدة بالمحاولة، ساد أجواء القاعة غضب عارم، وهتف الحاضرين مطالبين بإلقاء القصيدة، مؤكدين أنها جزء أساسي من الحداد على روح الشهيدة التي عرفت بدفاعها عن الحق والحرية.

تصاعدت الهتافات مع تصفيق حار، مما شكل عامل ضغط معاكس أجبر المنظمين على التراجع عن قرارهم. وفي موقف يعبر عن التحدي الشعبي، تسلم عواد الوهباني، وهو شاعر وناشط معروف، المنصة، وألقى القصيدة بصوته المدوي، وسط تفاعل حماسي من الحضور الذي ردد مقاطع منها.

اعتبر مراقبون أن هذا الموقف لم يكن مجرد إصرار على إلقاء قصيدة، بل كان رسالة واضحة بأن محاولات طمس هوية الشهداء أو تسييس قضيتهم لن تمر مرور الكرام، وأن إرادة الناس أقوى من أي ضغوط سياسية أو أمنية.

لماذا هذه الخشية من مرثية؟

يثير الحدث تساؤلات جوهرية حول مضمون القصيدة التي أثارت كل هذا المخاوف. الشهيدة إفتهان المشهري لم تكن مجرد ناشطة، بل كانت واحدة من أبرز الأصوات النسائية الداعية للإصلاح المؤسسي الجذري، ومكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة والمجتمع في تعز.

كانت تتميز بمواقفها الجريئة التي لا تنازل فيها، مما جعلها رمزاً لقطاع واسع من الشباب والحراك المدني.

لذلك، يرى متابعون أن الخشية لم تكن من الكلمات الشعرية بحد ذاتها، بل مما قد تحمله من نقد لاذع للأوضاع الراهنة، أو مساءلة للأطراف التي قد يكون لها دور في تردي الأوضاع أو تقاعسها عن تحقيق العدالة للشهداء. محاولة منع القصيدة تُقرأ على أنها محاولة للسيطرة على الذاكرة الجماعية ومنع تحول رحيل الشهيدة إلى منصة للمطالبة بالإصلاح الذي ضحت بحياتها من أجله.

يأتي هذا المشهد الصاخب في أربعينية الشهيدة إفتهان المشهري ليؤكد أن رحيلها لم يطفئ جذوة قضيتها، بل فتح باباً جديداً من الصراع حول سرديتها ومسيرة الإصلاح التي نادت به. فالتصدي الشعبي لمحاولة المنع، يثبت أن روحها ما زالت حية في وعي أبناء محافظتها، وأن معركة الكلمة والحقيقة في تعز مستمرة، حتى وإن كانت ثمنها أرواحاً طاهرة كروح إفتهان.

موضوعات متعلقة