”30 مليون ريال يمني إلى هونغ كونغ! هل تُستخدم عملتنا الوطنية كـ”تحف فنية” بينما ينهار اقتصادنا؟”

في واقعة تثير موجة من التساؤلات حول شفافية إدارة العملة الوطنية، كشف الاتحاد المدني لمكافحة الفساد عن وثيقة رسمية صادرة عن البنك المركزي اليمني تُجيز إخراج ثلاثين مليون ريال يمني نقدًا من طبعة حديثة، لإرسالها إلى معرض دولي للعملات في هونغ كونغ، في ظل غياب تام للتبريرات الاقتصادية أو الفنية المنطقية.
216.73.216.105
العملية، التي تم تنفيذها بناءً على طلب من هواة جمع العملات، تطرح أسئلة خطيرة حول أولويات مؤسسات الدولة في زمن انهيار العملة وارتفاع التضخم، وسط مطالبات متزايدة بالتحقيق في استخدام المال العام خارج السياقات الرسمية.
تفاصيل مثيرة: 38.5 مليون ريال تم تجهيزها... و30 مليونًا فقط غادرت إلى هونغ كونغ!
وفق بلاغ صادر عن الاتحاد المدني لمكافحة الفساد بتاريخ 1 سبتمبر 2025، اطّلع الاتحاد على وثيقة رسمية تحمل الرقم: CBY/S/2702/5، وتاريخ 3 مارس 2025، وموقّعة من قبل محافظ البنك المركزي اليمني، تُقرّ بموافقة البنك على إخراج مبلغ 30,000,000 ريال يمني نقدًا من الطبعة الجديدة، للمشاركة في معرض دولي يُعقد في هونغ كونغ خلال الفترة من 9 إلى 10 أبريل 2025.
لكن الأرقام تكشف تفاصيل أكثر إثارة:
- تم تجهيز ما مجموعه 38,500,000 ريال يمني، أي بزيادة قدرها 8.5 مليون ريال عن المبلغ المُصرح بخروجه.
- توزيع الأوراق النقدية تم على النحو التالي:
- 320,000 ورقة من فئة 100 ريال (32 مليون ريال)
- 10,000 ورقة من فئة 200 ريال (2 مليون ريال)
- 3,000 ورقة من فئة 500 ريال (1.5 مليون ريال)
- 3,000 ورقة من فئة 1000 ريال (3 ملايين ريال)
- إجمالي عدد الأوراق النقدية الجديدة التي تم إخراجها: 336,000 ورقة نقدية
معرض للهواة.. أم منصة للتمثيل الوطني؟
المفارقة الكبرى تكمن في طبيعة الحدث الذي أُرسلت إليه هذه الكمية الهائلة من النقد. وفقًا للروزنامة الرسمية للمعارض في هونغ كونغ:
- Hong Kong Coin Show (HKCS): أُقيم من 4 إلى 6 أبريل 2025.
- Hong Kong Coin & Watch Convention (HICC): عُقد من 9 إلى 12 أبريل 2025.
وهو ما يُصنّف ضمن معارض الهواة والمقتنين، تُعنى بعرض العملات النادرة والتاريخية والطوابع، وليس منصة رسمية لعرض طبعات نقدية حديثة لا تحمل قيمة تراثية أو نادرة.
وأكد الاتحاد أن لا مبرر تقني أو اقتصادي لإرسال كميات نقدية بهذا الحجم إلى معرض من هذا النوع، خاصةً أن المعايير الدولية تقتصر على إرسال عينات رمزية (Proof Notes) من كل فئة، وليس مئات الآلاف من الأوراق القابلة للتداول.
"هواة" يتصرفون بأموال عامة؟!
الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن الطلب الرسمي لإرسال هذه الكمية الكبيرة من العملة الجديدة صادر من مُجمّع عملات، يحمل صفة المدير العام لجمعية هواة العملات والمسكوكات والطوابع.
الاتحاد استفسر من قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي، لكنه لم يتلقَّ "أي تبرير مقنع"، كما أرسل رسالة رسمية إلى البنك منذ أكثر من شهر، ولم يُرد عليها حتى تاريخ إصدار البلاغ.
"إن المال العام ليس مادة للعرض في قاعات المعارض، بل أمانة وطنية لا تقبل التجميل ولا الغموض."
— الاتحاد المدني لمكافحة الفساد
أسئلة لا تُقبل الصمت: ما الجدوى؟ ومن المستفيد؟
يدفع هذا التصرف إلى طرح سلسلة من الأسئلة الجوهرية:
- لماذا لم تُكتفِ الجهات المعنية بعينات رمزية من العملة كتمثيل رسمي؟
- هل من المعقول أن تُستخدم طبعة نقدية حديثة، تُطبع غالبًا بدون غطاء نقدي حقيقي، في عرض ترفيهي لـ"الهواة"؟
- ما تأثير ذلك على العرض النقدي في السوق المحلية، خصوصًا في ظل التضخم المرتفع واستمرار تدهور سعر الريال؟
- وهل يُعقل أن يُسمح لشخص من خارج المؤسسات الرسمية بطلب صرف 30 مليون ريال نقدًا من البنك المركزي؟
مطالب بالشفافية: "نريد وثائق العملية كاملة"
بناءً على هذه الوقائع، أصدر الاتحاد المدني لمكافحة الفساد مطالب رسمية عاجلة:
-
تقديم إيضاح رسمي من محافظ البنك المركزي اليمني حول:
- طبيعة المشاركة في المعرض
- الجهات المنظمة والمستفيدة
- هوية الجهة التي طلبت العملية
- الأهداف الفنية والاقتصادية من إرسال هذا المبلغ
-
نشر جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالعملية للرأي العام، انسجامًا مع مبدأ الشفافية وحق المواطنين في المساءلة.
"كل ريال يخرج بلا مبرر واضح… يُخصم من ثقة الناس في مؤسسات الدولة، قبل أن يُسجَّل في دفاتر المحاسبة."