السبت 13 سبتمبر 2025 11:34 مـ 21 ربيع أول 1447 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

أهالي صنعاء أنقذوا أقاربهم بأنفسهم… لأن ”جيش الإنقاذ” التابع للحوثي كان عاجزًا!

الأحد 14 سبتمبر 2025 12:42 صـ 22 ربيع أول 1447 هـ
قصف على صنعاء
قصف على صنعاء

انتقد الخبير العسكري اليمني الدكتور محمد الكميم، في تصريح صحفي موسّع، ما وصفه بـ"التناقض الفاضح والصادم" في قدرات جماعة الحوثي، مشيرًا إلى أن الجماعة تُظهر أمام العالم صورةً مُبالغ فيها من القوة العسكرية والتقدم التكنولوجي، بينما تعجز عن التعامل مع أبسط المهام الإنسانية الأساسية، مثل إنقاذ الضحايا بعد حادثة انهيار مبنى سكني.

216.73.216.105

وأشار الكميم إلى أن جماعة الحوثي — التي تفتخر باستمرار أمام وسائل إعلامها الرسمية وببروباغاندا مُنظمة — بأنها "تنتج صواريخ باليستية بعيدة المدى، ومسيرات متطورة مزودة بتقنيات استهداف ذكية، وأنظمة دفاع جوي متكاملة، وصواريخ بحرية مضادة للسفن، وألغام ذكية موجهة" — لم تستطع خلال ثلاثة أيام كاملة رفع أنقاض منزل منهار في منطقة "الخابور" بمدينة صنعاء، حيث لقي تسعة أشخاص حتفهم، بينهم أطفال ونساء.

وقال الكميم:

"إنها مفارقة تاريخية لا تُصدق. فبينما تدّعي الجماعة أنها تمتلك مصانع أسلحة متطورة تعمل بالذكاء الاصطناعي وتُنتج صواريخ تضرب مدنًا على بعد آلاف الكيلومترات، فإنها تستخدم مجرفة وكريكًا (مطرقة صغيرة) لرفع الأنقاض! ثلاث أيام، وثلاثة أيام فقط، لاستخراج جثث تسعة مواطنين... ولم تنجح إلا بعد أن تدخل الأهالي والجيران، وعملوا بيدٍ عارية، وبدون أي دعم من المؤسسات الرسمية للجماعة".

وأضاف الخبير أن فرق الإنقاذ التابعة للجماعة — والتي يفترض أنها مجهزة بأحدث المعدات الحديثة المستوردة أو المصنعة محليًا — ظهرت في مقاطع فيديو متداولة وهي تتحرك ببطء شديد، وتُظهر غيابًا تامًا لأي معدات متخصصة كأجهزة كشف تحت الأنقاض، أو كلاب بحث وإنقاذ، أو آلات رفع هيدروليكية، أو حتى خوذات وملابس واقية مناسبة. بل إن بعض العناصر كانوا يرتدون ملابس مدنية عادية، ويحملون أدوات زراعية تقليدية.

وأكد الكميم أن هذا العجز ليس نتيجة نقص في الموارد فقط، بل هو انعكاس لـ"ثقافة الانغلاق والانفصال عن الواقع"، حيث تُخصص الموارد الهائلة — التي تُنهب من ميزانيات الدولة وتُجمع عبر فرض ضرائب جائرة على المواطنين — لتمويل المشاريع العسكرية والبروباغاندا، بينما تُهمل البنية التحتية الإنسانية، والخدمات الأساسية، وحتى عمليات الإنقاذ الطارئة.

وأشار إلى أن "الجماعة تبني صورة وهمية عن نفسها كقوة عسكرية متطورة، لكنها في الممارسة اليومية لا تملك حتى أبسط مقومات إدارة الكوارث البشرية"، مضيفًا:

"إذا كانت غير قادرة على إنقاذ أبناء الشعب من تحت أنقاض منزل، فكيف يمكن لها أن تحمي الشعب من صواريخ العدو؟ إذا كانت لا تملك فريق إنقاذ مهني، فكيف تدّعي أنها تصنع صواريخ باليستية دقيقة؟ هذه ليست مفارقة... هذه خيانة".

وفي إشارة لاذعة، وصف الكميم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بـ"سيدِه جرذ الكهف"، في تعبير مجازي يعكس رؤيته لقيادة الجماعة كشخصية تعيش في عزلة، تُدير دولةً من تحت الأرض، تُركّز على التسليح والسيطرة، وتتجاهل تمامًا مطالب الحياة اليومية للمواطنين، وكأنها تتعامل مع الشعب كأدوات استعمال، وليس ككيان بشري يستحق الكرامة والحماية.

وأكد الكميم أن ما حدث في الخابور ليس حادثًا عابرًا، بل هو "نموذج مصغر لدولة الحوثيين":

"هي دولة تُنتج صواريخ، لكنها لا تُنتج كهرباء. تُطلق مسيرات، لكنها لا تُصلح شبكات المياه. تدّعي المقاومة، لكنها لا تُنقذ طفلًا تحت أنقاض بيته. هذا ليس تقصيرًا... هذا نظام مصمم ليكون كارثة".

وأشار إلى أن تدخل الأهالي والجيران لإنقاذ الجثث — الذي تمت فيه محاولات بطولية، وسط دموع وآلام — كان أكثر إنسانية وأكثر كفاءة من كل المؤسسات الرسمية التابعة للجماعة، مما يُظهر أن المجتمع اليمني لا يزال يحمل بذور الإيثار والكرامة، رغم كل ما تفعله به الجماعة.

وطالب الكميم المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بعدم الوقوع في فخ الدعاية الحوثية، وقال:

"لا تصدّقوا ما يُقال عن القدرة العسكرية لجماعة لا تستطيع إنقاذ أبنائها من الموت تحت الأنقاض. هذا ليس ترسانة... هذا جريمة بحق الإنسانية."

وكان الحادث قد وقع مساء يوم الاثنين الماضي، عندما انهار منزل سكني من أربع طوابق في حي الخابور، أحد أحياء صنعاء الأكثر اكتظاظًا بالسكان، بسبب سوء التشييد، وغياب الصيانة، وانهيار شبكة الصرف الصحي أسفل المبنى. وقد تسبب الانهيار في مصرع 9 أشخاص، وإصابة 6 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة للجماعة، في بيان رسمي، أن "فريق الإنقاذ التابع للوزارة يعمل بجد واجتهاد"، لكنها لم تذكر أي تفاصيل عن استخدام معدات أو تقنيات، فيما نشرت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو لمواطنين يحملون أكياسًا من الأنقاض بأيديهم، ويبكون أثناء استخراج جثث أقاربهم، بينما يقف عناصر الجماعة مكتوفي الأيدي أو يصورون المشهد كـ"مواد دعائية".

ولا تزال التحقيقات مستمرة حول أسباب الانهيار، لكن الخبراء يرجحون أن السبب الأساسي هو تدهور البنية التحتية، وغياب الرقابة، وتحويل الأموال من مشاريع الإسكان إلى تمويل الحرب.

وفي ختام تصريحه، حذر الكميم من أن "الانهيار المادي الذي شهده المنزل، هو مجرد انعكاس للانهيار الأخلاقي والسياسي الذي تعيشه مؤسسات الحوثي"، مضيفًا:

"الشعب اليمني لا يحتاج إلى صواريخ... يحتاج إلى ماء، وكهرباء، وبيت آمن، وفرق إنقاذ. أما ما تقدمه الجماعة فهو وهم مُكلّف بدماء الأبرياء".

موضوعات متعلقة